الصلاة تغير لونه، فسئل عن ذلك فقال: حضر وقت أمانة عرضها الله على السماوات و الأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.
ومما يدل على كون المراد بها الأمانة المعروفة ما في نهج البلاغة في جملة وصاياه للمسلمين: ثم أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها، إنها عرضت على السماوات المبنية، والأرض المدحوة، والجبال ذات الطول المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض ولا أعظم منها، ولو امتنع شئ منها بطول أو عرض أو قوة أوعز لامتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة، وعقلن ما جهل من هو أضعف منهن وهو الانسان، إنه كان ظلوما جهولا.
وعن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول: ابتع لي ثوبا، فيطلب في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق، فيعطيه من عنده، قال: لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه، إن الله عز وجل يقول: " إنا عرضنا الأمانة - الآية - ".
والحق أن الجميع داخل في الآية بحسب بطونها، كما قيل: إن المراد بالأمانة التكليف بالعبودية لله على وجهها والتقرب بها إلى الله سبحانه كما ينبغي لكل عبد بحسب استعداده لها، وأعظمها الخلافة الإلهية لأهلها، ثم تسليم من لم يكن من أهلها لأهلها، وعدم ادعاء منزلتها لنفسه، ثم سائر التكاليف، والمراد بعرضها على السماوات والأرض والجبال النظر إلى استعدادهن لذلك، وبإبائهن الاباء الطبيعي الذي هو عبارة عن عدم اللياقة، وتحمل الانسان إياها تحمله لها من غير استحقاق تكبرا على أهلها، أو مع تقصيره بحسب وصف الجنس باعتبار الأغلب، فهذه معانيها الكلية وكل ما ورد في تأويلها في مقام يرجع إلى هذه الحقائق كما يظهر عند التدبر والتوفيق من الله سبحانه.
قال السيد المرتضى - رضي الله عنه - في أجوبة المسائل العكبرية حيث سئل عن تفسير هذه الآية: إنه لم يكن عرض في الحقيقة على السماوات والأرض والجبال بقول صريح أو دليل ينوب مناب القول، وإنما الكلام في هذه الآية مجاز أريد به الايضاح عن عظم الأمانة وثقل التكليف بها وشدته على الانسان، وإن السماوات والأرض والجبال لو كانت مما يقبل لأبت حمل الأمانة ولم تؤد مع ذلك حقها، و