على ضرب من الترتيب نذكره.
والمعتمد - في القطع على أن الأنبياء أفضل من الملائكة - على إجماع الشيعة الإمامية على ذلك، لأنهم لا يختلفون في هذا، بل يزيدون عليه ويذهبون إلى أن الأئمة عليهم السلام أفضل من الملائكة أجمعين، وإجماعهم حجة، لان المعصوم في جملتهم وقد بينا في مواضع من كتبنا كيفية الاستدلال بهذه الطريقة، ورتبناه وأجبنا عن كل سؤال يسأل عنه فيها، وبينا كيف الطريق مع غيبة الامام إلى العلم بمذاهبه و أقواله، وشرحنا ذلك، فلا معنى للتشاغل به ههنا. ويمكن أن يستدل على ذلك بأمره تعالى للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، وأنه يقتضي تعظيمه عليهم وتقديمه وإكرامه وإذا كان المفضول لا يجوز تعظيمه وتقديمه على الفاضل علمنا أن آدم عليه السلام أفضل من الملائكة، وكل من قال إن آدم أفضل من الملائكة ذهب إلى أن جميع الأنبياء عليهم السلام أفضل من جميع الملائكة، ولا أحد من الأمة فصل بين الامرين.
فان قيل: ومن أين أنه أمرهم بالسجود على جهة التقديم والتعظيم؟
قلنا: لا يخلو تعبدهم بالسجود له من أن يكون على سبيل القبلة والجهة من غير أن يقترن به تعظيم وتقديم، أو يكون على ما ذكرناه، فإن كان الأول لم يجز أنفة إبليس من السجود وتكبره عنه، وقوله " أرأيتك هذا الذي كرمت علي (1) " وقوله " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (2) " والقرآن كله ناطق بأن امتناع إبليس من السجود إنما هو لاعتقاده التفضيل به والتكرمة، فلو لم يكن الامر على هذا لوجب أن يرده الله تعالى عنه ويعلمه أنه ما أمره بالسجود على وجه تعظيمه له ولا تفضيله، بل على الوجه الآخر الذي لاحظ للتفضيل فيه، وما جاز إغفال ذلك وهو سبب معصية إبليس وضلالته، فلما لم يقع ذلك دل على أن الامر بالسجود لم يكن إلا على جهة التفضيل والتعظيم، وكيف يقع شك في أن الامر على ما ذكرناه وكل نبي أراد تعظيم آدم عليه السلام ووصفه بما اقتضى الفخر والشرف نفسه بإسجاد الملائكة له، وجعل