بما عهد إلي النبي صلى الله عليه وآله، ثم إنه نعس وطوى ساعة، ثم استيقظ من نومه وقال:
يا بنية إذا قرب وقت الأذان فأعلميني، ثم رجع إلى ما كان عليه أول الليل من الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، قالت أم كلثوم: فجعلت أرقب وقت الأذان، فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء، ثم أيقظته، فأسبغ الوضوء وقام ولبس ثيابه وفتح بابه، ثم نزل إلى الدار وكان في الدار إوز قد أهدي إلى أخي الحسين عليه السلام، فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن وصحن في وجهه، وكان قبل تلك الليلة لم يصحن، فقال عليه السلام: لا إله إلا الله صوارخ تتبعها نوائح، وفي غداة غد يظهر القضاء، فقلت له: يا أباه هكذا تتطير؟ فقال. يا بنية ما منا أهل البيت من يتطير ولا يتطير به، ولكن قول جرى على لساني، ثم قال: يا بنية بحقي عليك إلا ما أطلقتيه، فقد حبست ما ليس له لسان ولا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش، فأطعميه وأسقيه وإلا خلي سبيله يأكل من حشائش الأرض، فلما وصل إلى الباب فعالجه ليفتحه فتعلق الباب بمئزره فانحل مئزره حتى سقط، فأخذه وشده وهو يقول:
اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت إذا حل بناديكا ولا تغتر بالدهر وإن كان يواتيكا كما أضحكك الدهر كذاك الدهر يبكيكا ثم قال: اللهم بارك لنا في الموت، اللهم بارك لي في لقائك، قالت أم كلثوم:
وكنت أمشي خلفه، فلما سمعته يقول ذلك قلت: وا غوثاه يا أبتاه أراك تنعي نفسك منذ الليلة، قال: يا بنية ما هو بنعاء ولكنها دلالات وعلامات للموت تتبع بعضها بعضا فأمسكي عن الجواب، ثم فتح الباب وخرج.
قالت أم كلثوم: فجئت إلى أخي الحسن عليه السلام فقلت يا أخي: قد كان من أمر أبيك الليلة كذا وكذا، وهو قد خرج في هذا الليل الغلس فألحقه، فقام الحسن بن علي عليهما السلام وتبعه، فلحق به قبل أن يدخل الجامع فقال يا أباه: ما أخرجك في