على عظيم مصابك، ثم ادخل عليه السلام إلى حجرته وجلس في محرابه.
قال الراوي: وأقبلت زينب وأم كلثوم حتى جلستا معه على فراشه، وأقبلتا تند بأنه وتقولان: يا أبتاه من للصغير حتى يكبر؟ ومن للكبير بين الملا؟ يا أبتاه حزننا عليك طويل، وعبرتنا لا ترقأ (1)، قال: فضج الناس من وراء الحجرة بالبكاء والنحيب، وفاضت دموع أمير المؤمنين عليه السلام عند ذلك، وجعل يقلب طرفه وينظر إلى أهل بيته وأولاده، ثم دعا الحسن والحسين عليهما السلام وجعل يحضنهما و يقبلهما، ثم أغمي عليه ساعة طويلة وأفاق، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغمى عليه ساعة طويلة ويفيق أخرى، لأنه صلى الله عليه وآله كان مسموما، فلما أفاق ناوله الحسن عليه السلام قعبا من لبن، فشرب منه قليلا ثم نحاه عن فيه وقال: احملوه إلى أسيركم، ثم قال للحسن عليه السلام: بحقي عليك يا بني إلا ما طيبتم مطعمه ومشربه، وارفقوا به إلى حين موتي، وتطعمه مما تأكل وتسقيه مما تشرب حتى تكون أكرم منه، فعند ذلك حملوا إليه اللبن وأخبروه بما قال أمير المؤمنين عليه السلام في حقه، فأخذ اللعين وشربه.
قال: ولما حمل أمير المؤمنين عليه السلام إلى منزله جاؤوا باللعين مكتوفا إلى بيت من بيوت القصر فحبسوه فيه، فقالت له أم كلثوم وهي تبكي: يا ويلك أما أبي فإنه لا بأس عليه، وإن الله مخزيك في الدنيا والآخرة، وإن مصيرك إلى النار خالدا فيها، فقال لها ابن ملجم لعنه الله: أبكي إن كنت باكية فوالله لقد اشتريت سيفي هذا بألف وسممته بألف، ولو كانت ضربتي هذه لجميع أهل الكوفة ما نجا منهم أحد. وفي ذلك يقول الفرزدق:
" شعر ":
فلا غرو للاشراف إن ظفرت بها (2) * ذئاب الأعادي من فصيح وأعجمي