عاهدتك عليه من قتل علي؟ ولو أحببت لقتلت معه شبليه الحسن والحسين! ثم ضرب يده على هميانه فحله من وسطه ورماه إليها، وقال: خذيه فإن فيه أكثر من ثلاثة آلاف دينار وعبد وقينة، فقالت له: والله لا أمكنك من نفسي حتى تحلف لي بالايمان المغلظة أنك تقتله، فحملته القساوة على ذلك، وباع آخرته بدنياه! و تحكم الشيطان فيه بالايمان المغلظة أنه يقتله ولو قطعوه إربا إربا، فمالت إليه عند ذلك وقبلته وقبلها، فأراد وطيها فمانعته، وبات عندها تلك الليلة من غير نكاح، فلما كان من الغد تزوج بها سرا وطاب قلبه، فلما أفاق من سكرته ندم على ما كان منه، وعاتب نفسه ولعنها فلم تزل تراوغه (1) في كل ليلة وتعده بوصالها، فلما دنت الليلة الموعودة مد يده إليها ليضاجعها ويجامعها فأبت عليه وقالت: ما يكون ذلك إلا أن تفي بوعدك؟ وكان الملعون اعتل علة شديدة فبرئ منها، وكانت الملعونة لا تمكنه من نفسها مخافة أن تبرد ناره فيخل بقضاء حاجتها، فقال لها: يا قطام في هذه الليلة أقتل لك علي بن أبي طالب، وأخذ سيفه ومضى به إلى الصيقل فأجاد صقاله، وجاء به إليها، فقالت: إني أريد أن أعمل فيه سما، قال: وما تصنع بالسم؟ لو وقع على جبل لهده، فقالت: دعني أعمل فيه السم فإنك لو رأيت عليا لطاش عقلك وارتعشت يداك، وربما ضربته ضربة لا تعمل فيه شيئا، فإذا كان مسموما فإن لم تعمل الضربة عمل السم، فقال لها: يا ويلك أتخوفيني من علي فوالله لا أرهب عليا ولا غيره!
فقالت له: دعني من قولك هذا وإن عليا ليس كمن لاقيت من الشجعان، فأطرت (2) في مدحه وذكرت شجاعته، وكان غرضها أن يحمل الملعون على الغضب، ويحرضه على الامر، فأخذت السيف وأنفذته إلى الصيقل، فسقاه السم ورده إلى غمده، و كان ابن ملجم قد خرج في ذلك اليوم يمشي في أزقة الكوفة، فلقيه صديق له وهو عبد الله بن جابر الحارثي، فسلم عليه وهنأه بزواج قطام، ثم تحادثا ساعة فحدثه