فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجم ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المصمم فلا مهر أغلا من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم فاقسم بالبيت الحرام ومن أتى * إليه جهارا من محل ومحرم لقد خاب من يسعى بقتل إمامه * وويل له من حر نار جهنم إلى آخر ما أنشد من الأبيات، ثم قال لها: أجليني ليلتي هذه حتى أنظر في أمري وآتيك غدا بما يقوى عليه عزمي، فلما هم بالخروج أقبلت إليه وضمته إلى صدرها، وقبلت ما بين عينيه وأمرته بالاستعجال في أمرها، وسايرته إلى باب الدار وهي تشجعه، وأنشدت له أبياتا، فخرج الملعون من عندها وقد سلبت فؤاده وأذهبت رقاده ورشاده، فبات ليلته قلقا متفكرا، فمرة يعاتب نفسه ومرة يفكر في دنياه وآخرته، فلما كان وقت السحر أتاه طارق فطرق الباب، فلما فتحه إذا برجل من بني عمه على نجيب، وإذا هو رسول من إخوته إليه يعزونه في أبيه وعمه ويعرفونه أنه خلف مالا جزيلا، وأنهم دعوه سريعا ليحوز ذلك المال، فلما سمع ذلك بقي متحيرا في أمره، إذ جاءه ما يشغله عما عظم عليه من أمر قطام، فلم يزل مفكرا في أمره حتى عزم على الخروج، وكان له أخوان لأبيه وأمه، وأمه كانت من زبيد يقال لها عدنية، وهي ابنة أبي علي بن ماشوج، وكان أبوه مراديا وكانوا يسكنون عجران صنعاء، فلما وصل إلى النجف ذكر قطام ومنزلتها في قلبه ورجع إليها، فلما طرق الباب أطلعت عليه وقالت: من الطارق؟ فعرفته على حالة السفر، فنزلت إليه وسلمت عليه وسألته عن حاله، فأخبرها بخبره ووعدها بقضاء حاجتها إذا رجع من سفره، وتملكها جميع ما يجئ به من المال، فعدلت عنه مغضبة فدنا منها وقبلها وودعها، وحلف لها أنه يبلغها مأمولها في جميع ما سألته، فخرج وجاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأخبره بما جاؤوا إليه لأجله، وسأله أن يكتب إلى ابن المنتجب كتابا ليعينه على استخلاص حقه، فأمر كاتبه فكتب له ما أراد، ثم
(٢٦٧)