. فقال رؤساء العسكر من عظم اضطرابهم: نلجأ الليلة إلى الدير، ونجعله كهفا لنا، لان الدير كان لا يقدر أن يتسلط عليه العدو.
فوقف الشمر وأصحابه - لعنهم الله - على باب الدير، وصاح بأعلى صوته: يا أهل الدير، فجاء هم القسيس الكبير، فلما رأى العسكر، قال لهم: من أنتم وما تريدون؟
فقال الشمر - لعنه الله -: نحن من عسكر عبيد الله بن زياد، ونحن سائرون من العراق إلى الشام.
فقال القسيس لأي عرض؟
قال: كان شخص بالعراق قد تباغى، وخرج على يزيد، وجمع العساكر فعقد يزيد عسكرا عظيما، فقتلوهم، وهذه رؤوسهم، وهؤلاء النساء سباياهم.
قال الراوي: قال فنظر القسيس إلى رأس الحسين - عليه السلام -، وإذا بالنور ساطع منه، والضياء لامع، قد لحق بالسماء، فوقع في قلبه هيبة منه.
فقال القسيس: ديرنا ما يسعكم، بل أدخلوا الرؤوس والسبي إلى الدير، وحيطوا أنتم من خارج من دهمكم عدو فقاتلوه، ولا تكونوا مضطربين على السبي والرؤوس.
قال: فاستحسنوا كلام القسيس صاحب الدير، وقالوا: هذا هو الرأي، فحطوا رأس الحسين في صندوق وقفل عليه، وأدخلوه إلى داخل الدير والنساء وزين العابدين - عليه السلام -، وصاحب الدير حطهم في مكان يليق بهم.