ومثله قوله (ص): إذا مات المؤمن وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة سترا بينه وبين النار، وأعطاه الله بكل حرف عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات ليس هو عبارة عن استحضار المسائل وتقرير البحوث والدلائل، بل هو ما زاد في خوف العبد من الله تعالى، ونشطه في عمل الآخرة، وزهده في الدنيا.
وقال العالم (١): أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل الا به، وأوجب العلم عليك ما أنت مسؤول عن العمل به، والزم العلم لك ما دلك على صلاح قبلك واظهر لك فساده، واحمد العلم عاقبة ما زادك في عملك العاجل، فلا تشغلن بعلم ما لا يضرك جهله، ولا تغفلن عن علم ما يزيد في جهلك تركه.
ثم انظر إلى الآيات الواردات بمدح العلم تجدها واصفات للعلماء بما ذكرناه قال الله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (٢) فوصفهم بالخشية وقال الله تعالى:
﴿امن هو قانت آناء لليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعملون والذين لا يعلمون﴾ (3) فوصفهم باحياء الليل بالقيام ومواصلة الركو ع والسجود والخوف والرجا وقال الله تعالى: (ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون) (4) والقسيس: العالم، فوصفهم بترك الاستكبار.
وقال الصادق (ع): الخشية ميراث العلم، والعلم شعاع المعرفة وقلب الايمان، ومن حرم الخشية لا يكون عالما وان شق الشعر بمتشابهات العلم كما قال الله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).