عبدته؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: (لم أك بالذي (1) أعبد من لم أره) فقال له: كيف رأيته؟ فقال له: (يا ويحك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، معروف بالدلالات، منعوت بالعلامات، لا يقاس بالناس، ولا تدركه الحواس) فانصرف الرجل وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالاته (2).
وفي هذا الحديث دليل على أنه عليه السلام كان ينفي عن الله سبحانه رؤية الأبصار.
وروى الحسن بن أبي الحسن البصري قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام بعد انصرافه من حرب صفين فقال له: يا أمير المؤمنين، خبرنا عما كان بيننا وبين هؤلاء القوم من الحرب، أكان ذلك بقضاء من الله تعالى وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: (ما علوتم تلعة ولا هبطتم واديا، إلا ولله فيه قضاء وقدر) فقال الرجل:
فعند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين، فقال له: (ولم؟) قال: إذا كان القضاء والقدر ساقانا إلى العمل، فما وجه الثواب لنا على الطاعة؟ وما وجه العقاب لنا على المعصية؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: (أو ظننت يا رجل أنه قضاء حتم، وقدر لازم، لا تظن ذلك فإن القول به مقال عبدة الأوثان، وحزب الشيطان، وخصماء الرحمن، وقدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله جل جلاله أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، وكلف يسيرا، ولم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا،