ألا ترى أنه عليه وآله السلام جعل له كافة منازل هارون من موسى، إلا المستثنى منها لفظا أو عقلا. وقد علم كل من تأمل معاني القرآن، وتصفح الروايات والأخبار، أن هارون عليه السلام كان أخا موسى لأبيه وأمه وشريكه في أمره، ووزيره على نبوته وتبليغه رسالات ربه، وأن الله تعالى شد به أزره، وأنه كان خليفته على قومه، وكان له من الإمامة عليهم وفرض الطاعة كإمامته وفرض طاعته، وأنه كان أحب قومه (1) إليه وأفضلهم لديه.
قال الله عز وجل حاكيا عن موسى عليه السلام: قال ربي أشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة بن لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري " (2) فأجاب الله تعالى مسألته وأعطاه سؤله في ذلك وأمنيته، حيث يقول. " قد أوتيت سؤلك يا موسى " (3) وقال حاكيا عن موسى عليه السلام. " وقال موسى لأخيه هاوون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " (4).
فلما جعل. النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام منه بمنزلة هارون من موسى، أو تجب له بذلك جميع ما عددناه، إلا ما خصه العرف من الأخوة واستثناه من النبوة لفظا.
وهذه فضيلة لم يشرك فيها أحد من الخلق أمير المؤمنين عليه