بين قلوبكم بي؟! " قالوا: بلى، فلله المنة ولرسوله.
ثم سكت النبي صلى الله عليه وآله هنيهة ثم قال: " ألا تجيبوني بما عندكم؟ " قالوا: بم نجيبك فداك آباؤنا وأمهاتنا، قد أجبناك بأن لك الفضل والمن والطول علينا. قال: " أم لو شئتم لقلتم: وأنت قد كنت جئتنا طريدا فآويناك، وجئتنا خائفا فآمناك، وجئتنا مكذبا فصدقناك.
فارتفعت أصواتهم بالبكاء وقام شيوخهم وساداتهم إليه فقبلوا يديه ورجليه، ثم قالوا: رضينا بالله وعنه، وبرسوله وعنه، وهذه أموالنا بين يديك، فإن شئت فاقسمها على قومك، وإنما قال من قال منا على غير وغر صدر (1) وغل في قلب، ولكنهم ظنوا سخطا عليهم وتقصيرا بهم، وقد استغفروا الله من ذنوبهم، فاستغفر لهم يا رسول الله. فقال النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار. يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاة والنعم، وترجعون أنتم وفي سهمكم رسول الله؟ " قالوا: بلى رضينا. فقال النبي صلى الله عليه وآله: " الأنصار كرشي وعيبتي (2)، لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم اغفر للأنصار ".
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعطى العباس بن مرداس أربعا من الإبل يومئذ فسخطها، وأنشأ يقول: