(فمن بغى كثرت غوائله) أي مهالكه جمع غائلة وهي صفة لخصلة مهلكة من غاله يغوله إذا أهلكه والباغي على أهل الحق لا محالة متصف بصفات كثيرة مهلكة كما ترى في مخالفينا.
(وتخلي منه ونصر عليه) كان فاعل تخلي ونصر على البناء للمفعول راجع إلى من وضمير منه راجع إلى البغي والتخلي التفرغ، وفيه إشارة إلى أن الباغي بعد تقريره قوانين البغي ووضعه إياها له ناصر في حياته وبعد موته وعليه وزره ومثل وزر ناصره إلى يوم القيامة.
(ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه) جمع البائقة وهي الداهية أي من اعتدى على الخلق لم يؤمن شروره وخصوماته (ولم يسلم قلبه) من الأمراض المهلكة النفسانية أو من الميل إلى ايذاء الغير (ولم يملك نفسه عن الشهوات) من المعاصي والمقتينات التي هي مقتضى طباعها لأن زجر النفس عنها موقوف على خصلة ربانية وملكة روحانية وهي عارية عنها.
(ومن لم يعدل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات) أي الخصال الذميمة والافعال الردية التي يعود ضررها إليه وإلى غيره وذلك ظاهر لأن الجور في الشهوات وترك العدل فيها يوجب الخوض فيما ذكر (ومن طغى ضل على عمد بلا حجة) لأن منشأ الضلال وهو الطغيان لما كان عمدا كان الضلال على عمد، وأما أنه بلا حجة فهو ظاهر لأن الضال لا حجة له.
(والهوينا على أربع شعب على الغرة) أي غفلة الرجل عن دينه وعاقبة أمره.
(والأمل) هو ميل القلب إلى البقاء وحصول المرغوبات ومنشؤه الذهول عن أمر الآخرة ولذلك روى أن طول الامل ينسى الآخرة، قيل: اجتمع ثلاثة نفر فسأل بعضهم بعضا عن أمله فقال أحدهم: ما يأتي علي شهر إلا ظننت أني أموت فيه، وقال الثاني: لم يأت علي يوم إلا ظننت أني أموت فيه، وقال الثالث: ما أمل من أجله بيد غيره. وهذا هو الذي لا أمل له.
(والهيبة) وهي قد يكون من الفساد في القوى العقلية والغضبية والعملية باتصاف النفس والجوارح بما يوجب الخوف، والهيبة من الاخلاق الذميمة والاعمال القبيحة المخوفة مثل التجبر والضرب والقتل ونحوها، وقد تكون من الصلاح والتقوى، والمراد بها هنا هو الأولى لأنها التي ترد عن الحق لأن صاحبها يستنكف عنه حفظا لمقامه، وأما الثانية فهي ناشئة من الحق وعائدة إليه وباعثة على اتباعه.
(والمماطلة) وهي تأخير ما يوجب الاقدام عليه، وتسويف ما ينبغي الاقبال إليه من الاعمال القلبية والبدنية (وذلك بأن الهيبة ترد عن الحق والمماطلة تفرط في العمل حتى يقدم عليه الاجل) وهو نهاية العمر، وضمير عليه راجع إلى العمل أو إلى المماطل المفهوم من المماطلة (ولو لا الامل علم الإنسان حسب ما هو فيه ولو علم حسب ما هو فيه مات خفاتا من الهول