(ومن فخر فجر) أي كذب ومال عن الصدق أو أذنب ووقع في المعاصي والمحارم إذ الفخر مع كونه معصية مستلزم لمعاصي اخر غير محصورة.
(ومن حمى أصر على الذنوب) أي من دفع عن قومه حمية أصر على الذنوب لأن الحامية كلما فرغ من ذنب دخل في آخر، بل الحمية مرة مورثة لذنوب كثيرة مثل الضرب والشتم والقتل ونحوها. وأما من دفع لامن باب الحمية وتعدى الحق فليس بمذموم بل هو ممدوح.
(ومن أخذته العصبية جار) لأن المعتصب جائر عن القصد. مائل إلى الباطل دائما.
(فبئس الامر أمر بين ادبار وفجور واصرار وجور على الصراط) لعل المراد بذلك الامر الحفيظة. وفي بعض النسخ «فبئس الامرؤ امرءا» بالهمزة والمراد به صاحب الحفيظة ووجه الذم العام أنه بين الأمواج الأربعة من المهلكات فالنجاة منها من المحالات.
(والطمع على أربع شعب الفرح) وهو السرور بما يحصل من الدنيا (والمرح) وهو أشد الفرح أوثر من آثاره كالتبختر ونحوه.
(واللجاجة) وهي التمادي في تعاطي الفعل المزجور عنه (والتكاثر) وهو التباهي بالكثرة في الأموال والأولاد والأنصار ونحوها.
(فالفرح مكروه عند الله) كما قال: «إن الله لا يحب الفرحين» والمؤمن قلبه حزين في أمر الآخرة و (المرح خيلاء) وهو بالضم والكسر والمد العجب والتبختر في المشي، وقيل: هو التكبر في كل شيء، وقال ابن دريد: هو التكبر مع جر الإزار وأنه كمال التكبر عند العرب.
(واللجاجة بلاء) أي فتنة ومحنة (لمن اضطرته) أي ألجأته (إلى حمل الآثام) الناشئة منها لأن اللجاجة سبب المعاصي والآثام ولذلك قيل: اللجاجة متولدة من الكبر وغيره من الامور الفاسدة ويتولد منها امور فاسدة اخرى.
(والتكاثر لهو ولعب) شبه التقلب في أمر الدنيا باللهو واللعب والاتعاب بلا منفعة وفي المنع عما يوجب منفعة أبدية من أمر الآخرة.
(وشغل) للقلب عن الله تعالى وعما أراد من نوع الإنسان من الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة النافعة في الآخرة (واستبدال الذي هو أدنى) وهو الدنيا وزهراتها الفانية (بالذي هو خير) وهو الآخرة ونعيمها الباقي (فذلك النفاق ودعائمه وشعبه) أي أصوله وفروعه المنتجة للبعد من الله ومن دينه، فمن تخلص من الجميع فهو مؤمن كامل ومن اتصف بالجميع فهو منافق كامل، ومن اتصف ببعض دون بعض فهو مذبذب بينهما، شبيه بالمنافق إلى أن يستقر أمره فيما شاء الله تعالى، واعلم أن أحاديث هذا الباب تدل على أن المؤمن أقل وجودا من الكبريت الأحمر إذ لا يخلو أحد