يكون فيه مصلحة (ما شاء الله وان كره الناس) كالأمراض والبلايا والفقر وغيرها وفيه إشارة إلى الرضا بالقضاء (حسبي منذ قط) في القاموس قط مشددة مجرورة بمعنى الدهر مخصوصة بالماضي أي فيما مضى من الزمان أو فيما انقطع من العمر ومنذ مبني على الضم ومذ مبني على السكون ويكسر ميمهما وهما إذا كان يليهما اسم مجرور بمعنى الماضي حرفا جر بمعنى من والمعنى حسبي الله وكفاني من أول العمر إلى الآن ومنه أتوقع الكفاية فيما بقي.
(واجعله القائم بأمرك والمنتظر لدينك) الطلب في أمثال هذا مما كان المطلوب حاصلا للتأكيد وإظهار الرضا والشغف والسرور.
(وأره ما يحب وما تقر عينه في نفسه اه) قيل أقر الله عينه من القرار وهو السكون يعني بلغه امنيته حتى ترضى نفسه وتسكن عينه فلا تستشرف إلى غيره والمشهور أنه من القرة كناية عن الفرح والسرور. قال الشيخ في الأربعين: قرة العين برودتها وانقطاع بكائها ورؤيتها ما كانت مشتاقة إليه والقرة بالضم ضد الحر والعرب تزعم أن دمع الباكي من شدة السرور بارد ودمع الباكي مع الحزن حار فقرة العين كناية عن الفرح والسرور والظفر بالمطلوب، عينه تقر بالكسر والفتح قرة بالفتح والضم.
(اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت) قيل: يحتمل فيما مضى، ويحتمل فيما مضى وفيما يأتي ودعاؤه بذلك مع علمه بأنه مغفور له ومع أنه معصوم من جميع الذنوب على ما هو الحق إشفاق وتعليم للأمة. وقيل: خوف مكر الله ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، وقيل يحتمل: أنه بحسب المقامات يرى مقامه في زمان دون مقامه في زمان آخر فيستغفر من مقامه الأول، وقيل طلب: لامته إلا أنه نسبها إلى نفسه للإشعار بأن مغفرة ذنوبهم مغفرة له، أو طلبها لنفسه بناء على أن الكفار كانوا معتقدين بأنه مذنب في دعوى الرسالة فجعل رفع ذلك الإعتقاد منهم بمنزلة المغفرة أو بناء على أنه عد خلاف الاولى ذنبا.
(اللهم أنت المقدم وأنت المؤخر) على صيغة الفاعل وهذا في كتب العامة أيضا ومعناه تقدم ما تشاء وتؤخر ما تشاء على مقتضى الحكمة لأن بعض معلولاته مقدم على بعض في الشرف والرتبة والزمان وغير ذلك، وقال ابن الأثير: ومن أسمائه تعالى المقدم والمؤخر لأنه يقدم بعض الأشياء ويؤخر بعضها ويضع كلا في موضعه فمن إستحق التقديم قدمه ومن إستحق التأخير أخره.
وقال بعضهم: أنت منزل الأشياء منازلها فتقدم من تشاء بطاعتك وتأخر من تشاء لخذلانك، وقال بعضهم: أنت المقدم بلا بداية وأنت المؤخر بلا نهاية وأنت المقدم القديم وأنت المؤخر الباقي أو أنت الأول بالابتداء والآخر بالانتهاء، وقال القرطبي: هذان الإسمان من أسمائه تعالى