نقول إذا عرفت معنى القضاء والرضاء به علمت انه لا نقص فيهما أصلا بل هما عين الحكمة ونفس الكمال وذلك لأنه تعالى إذا علم في الأزل كفر فلان باختياره وقضى به ليطابق علمه بالمعلوم فلا نقص فيه ولا في الرضا به بل النقص في عدمهما فليتأمل.
(وبركة الموت بعد العيش) اريد ببركة الموت الفرح والسرور والراحة ومشاهدة السعادة بعده وبالعيش الحياة الطيب وما يكون به الحياة ويعاش به على الوجه الحلال.
(وبرد العيش بعد الموت) العيش البارد عيش لا تعب ولا مشقة ولا عسر فيه أو عيش ثابت مستقر من قولهم: برد لي على فلان حق أي ثبت وإستقر وكل محبوب عندهم بارد.
(ولذة النظر إلى وجهك) أي إلى رحمتك أو إلى أنبيائك ورسلك وأوصيائهم وهم وجه الله إذ الناس بهم يتوجهون إليه، قد تقدم تفصيل التوجه بهم في الأصول (وشوقا إلى رؤيتك ولقائك) أي رؤية المقربين منك ولقائهم أو رؤية تفضلاتك وألطافك ولقائها، أو رؤية تجلياتك ولقائها، والشوق إلى ذلك يبعث على الطاعة والأعمال الصالحة.
(من غير ضراء مضرة) في الدين أو الدنيا أيضا، والضر ضد النفع والضراء الحالة التي تضر كالبلية والفاقة ونحوهما وهي نقيض السراء وهما بنائان للمؤنث ولا مذكر لهما.
(ولا فتنة مضلة) عن الحق، والفتنة بالكسر مصدر بمعنى الاختبار أو اسم وهي البلية والمحنة والعذاب والمال والأولاد وغيرهما مما يختبر به وإنما قيدها والضراء بالوصف لأن المقصود هو الحفظ منه وإلا فالإنسان ما دام في الدنيا لا يخلو عنهما.
(اللهم زينا بزينة الإيمان) الظاهر أن الإضافة بيانية، وان المراد بالإيمان الكامل ويحتمل أن يراد بالإيمان أصل التصديق، وبزينتها الأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة التي لها مدخل في كماله والمقصود طلب التوفيق والنصرة والمعونة منه تعالى.
(واجعلنا هداة مهتدين) (1) مهتدين مفعول ثان أو صفة للأول والمقصود هو الجمع بين الهداية والإرشاد وقبول الهداية من أهلها إذ لا كمال في أحدهما بدون الآخر.
(اللهم اهدنا فيمن هديت) من الأنبياء المقربين والرسل المكرمين والعباد الصالحين ولعل التعدية بفي لتضمين معنى الدخول أو الإندراج.
(اللهم إني أسألك عزيمة الرشاد) الرشاد بالفتح الاهتداء مصدر رشد كنصر وفرح إذا اهتدى إلى المطلوب والعزيمة مصدر بمعنى الإرادة والجد والقطع يقال عزم على الأمر يعزم عزما وعزيمة