المزدوجة كالقابض والباسط، قال العلماء: لا يؤتى بها إلا كذلك، فلا يقال أنت المقدم وحده كما لا يقال القابض وحده.
(لا إله إلا أنت) فلا مقدم ولا مؤخر غيرك فهو تأكيد لما قبله (بعلمك الغيب) أي أسألك به «ما علمت - إلى آخر -» مفعول السؤال والباء للسببية أو القسم والغيب بالنصب مفعول العلم وجره بالوصف له بعيد ولا حاجة إلى مفعول ثان كما قيل.
(اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية)، قال المحقق الطوسي في أوصاف الأشراف:
الخوف والخشية وان كانا في اللغة بمعنى واحد إلا أن بين خوف الله وخشيته في عرف أرباب القلوب فرقا هو: أن الخوف تألم النفس من العقاب المتوقع بسبب ارتكاب المنهيات والتقصير في الطاعات، والخشية حالة تحصل عند الشعور بعظمة الحق وهيئته وخوف الحجب عنه، والمراد بالخشية في السر والعلانية ما أشار إليه شيخ العارفين في الأربعين وهو: أن يظهر آثارها في الصفات والأفعال من كثرة البكاء ودوام التحرق وملازمة الطاعات وقمع الشهوات حتى يصير جميعها مكروها لديه كما يصير العسل مكروها عند من عرف أن فيه سما قاتلا مثلا وإذا احترقت جميع الشهوات بنار الخوف ظهر في القلب الذبول والخشوع والانكسار وزال عنه الكبر والحقد والحسد وصار كل همه النظر في خطر العاقبة فلا يتفرغ لغيره ولا يصير له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والاحتراز من تضيع الأنفاس والأوقات ومؤاخذة النفس في الخطوات والخطرات وأما الخوف الذي لا يترتب عليه شيء من هذه الآثار فلا يستحق أن يطلق عليه اسم الخوف وإنما هو حديث نفس ولهذا قال بعض العارفين: إذا قيل لك هل تخاف الله فاسكت عن الجواب فإنك ان قلت: لا كفرت، وان قلت: نعم كذبت.
(وكلمة الحق في الغضب والرضا) وهي من توابع العدل وسلامة النفس من الآفات إذ هما يقتضيان مراعاة الحق في حال الغضب والرضا وعدم التجاوز عنه إلى الباطل كما هو مقتضى الحمية الجاهلية.
(والقصد في الفقر والغنى) القصد الإعتدال والمقتصد المعتدل الذي لا يميل إلى أحد طرفي الإفراط والتفريط والإسراف والتبذير وهو متفاوت في الفقير والغني فقصد الفقير تقتير للغني وقصد الغني تبذير للفقير.
(وأسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع) إما من باب التفضل أو التوفيق لما يوجبهما (وأسألك الرضا بالقضاء) قد تقرر في الشرع أنه لا يقع شيء خيرا كان أو شرا إلا بقضاء الله تعالى وان الرضا به واجب، لا يقال كل من القضاء بالكفر والرضا بذلك القضاء رضا بالكفر وهو قبيح لأنا