اللايق به شيئا فشيئا والوصف به للمبالغة كزيد عدل. وقيل صفة مشبهة من ربه يربه فهو رب ثم سمى به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربيه لينتقل من حد النقص إلى حد الكمال، والعالم هو كل ما سوى الله تعالى من المجردات والجسمانيات، وفيه دلالة على افتقار الممكن إلى المؤثر في البقاء; لأن التربية بالمعنى المذكور لا يكون إلا في حال البقاء بواسطة الإبقاء (إني أنا الله العلي العظيم) العلي المتنزه عن صفات الممكن وقد يكون بمعنى العالي فوق خلقه بالغلبة والقدرة عليهم وبمعنى المتعالي عن الأشباه والأنداد والعظيم ذو العظمة وهو راجع إلى كمال الذات والصفات كما مر.
(إني أنا الله العزيز الحكيم) العزيز الغالب الذي لا يغلب ولا يعادله شيء، والحكيم الذي يعلم الأشياء كما هي أو يحكم خلقها ويتقنها بلطف التدبير وحسن التقدير وقد مر. (إني أنا الله الغفور الرحيم) أي كثير المغفرة للسيئات، وعظيم التجاوز عن العقوبات، وشديد الرحمة بالتائبين، ومفيض الخير إلى النادمين.
(إني أنا الله الرحمن الرحيم) أي ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلق في الدنيا بإيصال الأرزاق وتيسير الأسباب ودفع البليات وقضاء الحاجات، وللمؤمنين في الآخرة بإعطاء جنات عالية وعيون جارية ونعم باقية وتفضلات زاكية.
(إني أنا الله مالك يوم الدين) الدين الجزاء أي مالك الامور كلها والمتصرف فيها يوم الجزاء إذ لا مالك فيه غيره. حذف المفعول به وأقيم الظرف مقامه وجعل مفعولا به على سبيل الإتساع والتجوز (إني أنا الله لم أزل ولا أزال) إذ لا بداية لوجوده ولا نهاية له فيكون أزليا وأبديا (إني أنا الله خالق الخير والشر) أي مقدرهما أو خالق النور والظلمة أو خالق الحياء والموت أو خالق الغنى والفقر والصحة وغيرها من الصفات المتضادة.
(إني أنا الله خالق الجنة والنار) الظاهر أن خالقا من حيث هو مضاف صفة لله لا خبر بعد خبر وحينئذ يجب أن يكون بمعنى الماضي ليكون الإضافة معنوية مفيدة للتعريف لا بمعنى الحال أو الاستقبال فيفهم منه أن الجنة والنار مخلوقتان، وهذا يجري في سائر الإضافات الواقعة في هذا التمجيد (إني أنا الله بدئ كل شيء وإلي يعود) البديء كبديع الأول كالبدء والله سبحانه أول كل شيء بالعلية والية عوده بعد الفناء وبالحاجة حال البقاء.
(إني أنا الله الواحد الصمد) المتفرد في الذات والصفات والمقصود للخلائق في الحوائج والمهمات (إني أنا الله عالم الغيب والشهادة) المراد بهما الآخرة والدنيا، أو ما غاب عن الحس وما حضر أو السر والعلانية أو عالم المجردات وعالم الجسمانيات.