شيء في سلسلة رفع المقامات والحاجات ليس هو منتهاها وبالجملة أشار بالفقرة الاولى إلى أنه الأول باعتبار ابتداء الوجودات وبالفقرة الثانية إلى أنه الآخر باعتبار انتهاء الغايات فدائرة الإمكان تبتدء منه في الوجود وتنتهى إليه في الحاجة.
(وأنت الظاهر) أي الغالب القاهر على جميع الأشياء وحصر الغلبة المطلقة فيه دل على أن أحدا غيره ليس له تلك الصفة فلذلك فرع عليه قوله:
(فليس فوقك شيء) يغلبك ويقدر علمك إذ لو كان فوقه شيء لم تكن له الغلبة المطلقة، هذا خلف (وأنت الباطن) أي العالم بسرائر الأشياء وبطونها وبضماير القلوب وكمونها.
(فليس دونك شيء) لم يبغله علمك وإن كان في غاية الصغر.
ويحتمل أن يراد بالدون معنى الغير أي فليس غيرك شيء تكون له تلك الصفة والأول أظهر والثاني أنسب بالقرائن السابقة (وأنت العزيز الحكيم) هما من أسمائه تعالى والعزيز هو الغالب القوى الذي لا يغلب والرفيع المنيع الذي لا يعادله شيء ولا يماثله أحد، والعزة في الأصل القوة والشدة والغلبة يقال عز يعز بالكسر إذا صار عزيزا وبالفتح إذا اشتد والحكيم هو الذي يقضى بالحق والذي يحكم الأشياء ويتقنها بأكمل التدبير وأحسن التقدير والتصوير والذي لا يفعل القبيح ولا يخل بالأصلح والذي يضع الأشياء في مواضعها والذي يعلم الأشياء كما هي وأعلم أن هذا الدعاء يضمن ما يضمن قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) واختلف عبارات المفسرين، فقيل أنه الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية والظاهر بلا اقتراب والباطن بلا احتجاب، وقيل الأول بالابتداء والآخر بالانتهاء والظاهر بالآيات والباطن عن الادراكات، وقيل الأول القديم والآخر الباقي، وقيل الظاهر الغالب والباطن اللطيف الرفيق بالخلق، وقوله تعالى: (فأصبحوا ظاهرين) أي غالبين قاهرين. وقيل ظاهر لقوم فوجدوه وباطن لقوم فجحدوه، قال المازري: واحتجت المعتزلة به لمذهبهم أن الأجسام تفنى; لأن معنى الآخر الباقي بعد فناء خلقه ومذهب أهل السنة خلافه وأن المراد الآخر بصفاته بعد ذهاب صفاتهم وقد مر في صدر هذا تفسير شيء من هذه الكلمات.
* الأصل:
7 - وبهذا الإسناد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ما أدنى ما يجزي من التحميد؟ قال: تقول:
الحمد لله الذي علا فقهر، والحمد لله الذي ملك فقدر، والحمد لله الذي بطن فخبر، والحمد لله الذي [يميت الأحياء] ويحيي الموتى وهو على كل شيء قدير.
* الشرح:
قوله: (الحمد لله الذي علا فقهر) أي فوق الممكنات بالشرف والرتبة والغلبة والقدرة والقوة