شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٠ - الصفحة ٢٨٠
أيما أفضل الملائكة أو الأنبياء على جميعهم السلام واستدل الأولون بهذا الحديث وأجاب الآخرون تارة بأن المعنى ذكرته بذكر خير من ذكره وهو بعيد عن اللفظ واخرى بأن هذا الحديث خبر واحد ورد بلفظ العموم وخبر الواحد لا يفيد القطع وفي التمسك بالعام خلاف (1) ثم الخلاف في تفشيل الملائكة أو الأنبياء لا يجري في نبينا (صلى الله عليه وآله) لأنه خارج عن هذا الخلاف للإجماع على أنه أفضل الخلق كلهم (2).

(١) قوله: «وفي التمسك بالعام الخلاف» التمسك بالعام تمسك بالظاهر والظاهر يفيد الظن والظن ليس بحجة إلا يقام عليه دليل يقيني وتمسكوا الحجية ظواهر الالفاظ في التكاليف والاعمال بأن المخاطب إذا كلف بشيء كالصلاة والطهارة والركوع والسجود ونهي عن شيء كالخمر والميسر والأنصاب والأزلام يفهم من الالفاظ معنى فإن كان مكلفا بما فهم فهو معنى حجية الظواهر وان كان مكلفا بما لا يفهم فهو تكليف بما لا يطاق فإن قيل قد يتفق أن يفهم شيئا لم يرده الشارع مثل «قوله: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) وظاهره كون المرافق منتهي المسح وليس بمراد قلنا، المراد حجية الظاهر بعد التأمل في أساليب الكلام ومراعاة القرائن ومقايسة عبارات الفصحاء ودفع احتمال ما يكون ارادته ولعلك سمعت ما روى أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما مدحه شاعر من الشعراء قال لرجل بحضرته: اقطع لسانه; فذهب ليقطع لسانه بالسكين فأدركه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال المراد أحسن اليه. هذا في الظواهر المتعلقة بالعمل اما فيما لا يتعلق بالعمل فلا يبعدان يتكلم بلفظ ويراد غير ما يفهم من ظاهر معناه ولا يلزم تكليف بمالا يطاق ولا من توقف المخاطب فيه محذور. فإن قيل فما تقول في ما ورد في المعاد من الحشر والنشر والجنة والنار والحساب والميزان وسائر ما يتعلق به ألا يجوز التمسك بظواهر ألفاظ الكتاب والسنة للرد على الملاحدة والزنادقة ومن يأولها بأن المراد منها الترغيب والترهيب لرفع الظلم والفساد في الدنيا؟ قلنا نتمسك في حجية الظواهر بدلالة العقل على أن لم يكن مراد الأنبياء الكذب والغرور واغراء الناس بالجهل فإنهم مبرؤون من المكر والحيلة واغفال الناس، ولا ريب في أن ما ذكروه من شدة عذاب نار الآخرة وتوافر لذاتها وجزاء كل عامل بمقتضى عمله على أبلغ ما يكون من العدل حق ونرى أنهم أخبروا بأمور تقع بعدهم ووقعت كما أخبروا والاخبار بالقيامة من ذلك القبيل فنؤمن بها لقيام هذا الدليل القطعي على حجية ظواهر الالفاظ في هذا المقام وان لم نعلم على التفصيل كيفية تلك النقم والنعم مع التصديق بأصلها ونظير ذلك أن القرآن أخبر المهاجرين والأنصار بأنهم سيظهرون على أمم العالم فتحقق ذلك وأن لم يكونوا يعلمون قبل الوقوع تفصيله ولعل ما ظفروا من الغلبة كان فوق ما فهمو على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما حصل لهم من الأموال والدولة أعظم وأكثر مما قدروه سابقا، والله اعلم وقال تعالى في شأن المنافقين: (ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا). (ش) (2) قوله: «للإجماع على أنه أفضل الخلق كلهم» خالف فيه شرذمة لايعباء بهم كالزمخشري فزعم ان جبرئيل أفضل من نبينا (صلى الله عليه وآله) فتبرأ منه المسلمون أعنى من رأيه هذا وأطبق العرفاء أن الإنسان الكامل أفضل من كل موجود سوى الواجب وان العقل بعده في الرتبة، فإن قيل أن العقول كلهم بالفعل من جميع الجهات والإنسان بالفعل من جهة وبالقوة من جهة قلنا ليس المراد بالانسان هذا البدن المحسوس والنفس المتعلقة به الموجودة بعده بل باطنه المتحد به نحوا من الاتحاد ولم يكن نبينا (صلى الله عليه وآله) ببدنه المتولد عام الفيل نبيا وآدم بين الماء والطين ولا بنفسه المتعلقة ببدنه أيام حمله بل كان نبيا بحقيقة روحه المجردة قبل أن يخلق آدم وهو الذي أشار بقوله «أول ما خلق الله روحي» وكذلك ليس زيد زيدا ببدنه ولم يكن الشيخ الرئيس طبيبا ببدنه ولا بنفسه المنطبعة بل بعقله وروحه ولا أرسطو حكميا كذلك ولا أبو جهل كافرا ببدنه ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان بروحه في مقام وجميع الموجودات الروحانيين دون مقامه وان كان مقتضى بشريته كسائر الناس مثلهم قال: (إنما انا بشر مثلكم يوحى إلي) وسائر الناس بأرواحهم في مقامات يكون الروحانيون مثلهم أو فوقهم.
(ش)
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب من طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم 3
2 باب التعيير 6
3 باب الغيبة والبهت 8
4 باب الرواية على المؤمن 13
5 باب الشماتة 14
6 باب السباب 15
7 باب التهمة وسوء الظن 19
8 باب من لم يناصح أخاه المؤمن 22
9 باب خلف الوعد 24
10 باب من حجب أخاه المؤمن 25
11 باب من استعان به اخوه فلم يعنه 27
12 باب من منع مؤمنا شيئا من عنده أو من عند غيره 28
13 باب من أخاف مؤمنا 30
14 باب النميمة 31
15 باب الإذاعة 33
16 باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق 36
17 باب في عقوبات المعاصي العاجلة 39
18 باب مجالسة أهل المعاصي 41
19 باب أصناف الناس 51
20 باب الكفر 55
21 باب دعائم الكفر وشعبه 73
22 باب صفة النفاق والمنافق 81
23 باب الشرك 92
24 باب الشك 96
25 باب الضلال 103
26 باب المستضعف 112
27 باب المرجون لأمر الله 118
28 باب أصحاب الأعراف 119
29 باب في صنوف أهل الخلاف 120
30 باب المؤلفة قلوبهم 122
31 باب في ذكر المنافقين والضلال وإبليس في الدعوة 126
32 باب في قوله تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف) 127
33 باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أو كافرا أو ضالا 131
34 باب ثبوت الإيمان وهل يجوز أن ينقله الله» * 135
35 باب المعارين 137
36 باب في علامة المعار 140
37 باب سهو القلب 141
38 باب في ظلمة قلب المنافق وإن أعطى اللسان ونور قلب المؤمن وإن قصر به لسانه 145
39 باب في تنقل أحوال القلب 148
40 باب الوسوسة وحديث النفس 154
41 باب الاعتراف بالذنوب والندم عليها 157
42 باب ستر الذنوب 161
43 باب من يهم بالحسنة أو السيئة 162
44 باب التوبة 167
45 باب الاستغفار من الذنب 174
46 باب «فيما أعطى الله عز وجل آدم 7 وقت التوبة» 178
47 باب اللمم 182
48 باب في أن الذنوب ثلاثة 185
49 باب تعجيل عقوبة الذنب 189
50 باب في تفسير الذنوب 193
51 باب نادر 195
52 باب نادر أيضا 197
53 باب إن الله يدفع بالعامل عن غير العامل 199
54 باب إن ترك الخطيئة أيسر من [طلب] التوبة 200
55 باب الإستدراج 201
56 باب محاسبة العمل 203
57 باب من يعيب الناس 217
58 باب أنه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية 219
59 باب أن الكفر مع التوبة لا يبطل العمل 221
60 باب المعافين من البلاء 222
61 باب ما رفع عن الأمة 223
62 باب إن الإيمان لا يضر معه سيئته والكفر لا ينفع معه حسنة 226
63 باب فضل الدعاء والحث عليه 228
64 كتاب الدعاء 228
65 باب ان الدعاء سلاح المؤمن 233
66 باب أن الدعاء يرد البلاء والقضاء 236
67 باب أن الدعاء شفاء من كل داء 239
68 باب أن من دعا استجيب له 239
69 باب إلهام الدعاء 240
70 باب التقدم في الدعاء 241
71 باب اليقين في الدعاء 242
72 باب الاقبال في الدعاء 242
73 باب الإلحاح في الدعاء والتلبث 244
74 باب تسمية الحاجة في الدعاء 246
75 باب إخفاء الدعاء 246
76 باب الأوقات والحالات التي ترجى فيها الإجابة 247
77 باب الرغبة والرهبة والتضرع والتبتل والابتهال والاستعاذة والمسألة 250
78 باب البكاء 253
79 باب الثناء قبل الدعاء 257
80 باب الاجتماع في الدعاء 262
81 باب العموم في الدعاء 264
82 باب من أبطأت عليه الإجابة 264
83 باب الصلاة على النبي محمد وأهل بيته عليهم السلام 267
84 باب ما يجب من ذكر الله عز وجل في كل مجلس 276
85 باب ذكر الله عز وجل كثيرا 281
86 باب ان الصاعقة لا تصيب ذاكرا 284
87 باب الاشتغال بذكر الله عز وجل 285
88 باب ذكر الله عز وجل في السر 285
89 باب ذكر الله عز وجل في الغافلين 288
90 باب التحميد والتمجيد 289
91 باب الاستغفار 293
92 باب التسبيح والتهليل والتكبير 295
93 باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب 298
94 باب من تستجاب دعوته 301
95 باب من لا تستجاب دعوته 304
96 باب الدعاء على العدو 306
97 باب المباهلة 309
98 باب ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه 312
99 باب من قال لا إله إلا الله 316
100 باب من قال لا إله إلا الله والله أكبر 318
101 باب من قال لا إله إلا الله وحده وحده وحده 318
102 باب من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له - عشرا - 319
103 باب من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 321
104 باب من قال عشر مرات في كل يوم: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا 321
105 باب من قال يا الله يا الله - عشر مرات - 323
106 باب من قال لا إله إلا الله حقا حقا 324
107 باب من قال يا رب يا رب 325
108 باب من قال لا إله إلا الله مخلصا 325
109 باب من قال ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله 327
110 باب من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه 329
111 باب القول عند الإصباح والإمساء 330
112 باب «الدعاء عند النوم والانتباه» 354
113 باب الدعاء إذا خرج الإنسان من منزله 363
114 باب الدعاء قبل الصلاة 369
115 باب الدعاء في أدبار الصلوات 372
116 باب الدعاء للرزق 386
117 باب الدعاء للدين 397
118 باب الدعاء للكرب والهم والحزن والخوف 400
119 باب الدعاء 417
120 الدعاء للعلل والأمراض 417
121 باب الحرز والعوذة 425
122 باب الدعاء عند قراءة القرآن 434
123 باب الدعاء في حفظ القرآن 443
124 باب دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة 450
125 فهرس الآيات 515