تطلق على الدم وعلى نفس الحيوان وعلى الذات وعلى الغيب ومنه قوله تعالى: (ولا أعلم ما في نفسك) أي في غيبك والأولان يستحيلان في حقه تعالى دون الأخيرين، إذا عرفت هذا فنقول المراد بالذكر النفساني في قوله تعالى: «اذكرني في نفسك» ذكر لا يعرفه غير الذاكر، وفي قوله: « أذكرك في نفسي» جزاء ذلك الذكر يعني أجازيك وأرحمك لأجل الذكر فسمى جزاء الذكر ذكرا وليس المراد به الذكر المقابل للنسيان لأن الذكر بهذا المعنى ثابت له تعالى سواء ذكره العبد أم لا أو المراد أذكرك من حيث لا يطلع عليه أحد فإن العبد إذ ذكره تعالى بحيث لا يطلع عليه أحد أثابه تعالى ثوابا لا يطلع عليه أحد كما قال تعالى: (فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين) فأخبر سبحانه بأنه انفرد بعلم بعض ما يجازي به عباده الصالحين والله أعلم.
(اذكرني في ملأك) إشارة إلى الذكر الجلى ويندرج فيه فعل الطاعات ظاهرا والامر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضا لأن كل واحد منها من أفراد الذكر.
(اذكرني في ملاء خير ملاء الآدميين) أي أظهر ذكرك إياي للملائكة والروحانيين ليثنوا عليك أو أظهر ثواب ذكرك لهم أو أظهر فضلك وشرفك على الإطلاق لهم.
(وأعلم أن سروري أن تبصبص) التبصبص التملق من خوف أو طمع، (وكن في ذلك حيا ولا تكن ميتا) أي كن حاضر القلب ولا تكن ساهيا غافلا فإن القلب الساهي الغافل عن ذكره تعالى وعن أدراك الحق ميت والقلب العاقل الذاكر حي، وقوله تعالى: (أفمن كان ميتا فأحييناه) و: (إنك لا تسمع الموتى) أشار إلى هذين القلبين».