تستكثر) قال: لا تستكثر ما عملت من خير لله.
* الشرح:
قوله: (ثم تلا هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا)) قال القرطبي في تفسير هذه الآية هذا السياق يدل على وجوب الذكر الكثير لأنه لم يكتف به حتى أكده بالمصدر ولم يكتف بالمصدر حتى وصفه بالكثير وهذا السياق لا يكون في المندوب فظهر أن الذكر الكثير واجب ولم يقل أحد بالوجوب اللساني دائما، فرجع إلى ذكر القلب وذكر الله تعالى دائما في القلب يرجع اما إلى الإيمان بوجوده وصفات كماله وهو يجب ادامته في القلب ذكرا أو حكما في حال الغفلة لأنه لا ينفك عنه إلا بنقيضه وهو الكفر، وأما أن يرجع إلى ذكر الله تعالى عند الاخذ في الفعل فإنه يجب أن لا يقدم أحد على فعل أو قول حتى يعرف حكم الله فيه ولا ينفك المكلف عن فعل أو قول دائما فيجب ذكر الله دائما.
قوله: (وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: لا اله إلا الله) اللسان يلزق في قول هذه الكلمة الشريفة بالحنك أربع مرات.
(وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر) فيه فضل الاجتماع للذكر والدعاء والتلاوة وهذا متفق عليه بين الخاصة والعامة ومن طرقهم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده، قال بعضهم المراد بالسكينة الوقار والطمأنينة، وقال بعضهم المراد بها الرحمة، ورد بذكر الرحمة قبلها.
(كما يضيء الكواكب الدري) في النهاية الكواكب الدري الشديد الإنارة كأنه نسب إلى الدر تشبيها بصفائه وقال الفراء الكوكب الدري هو العظيم المقدار وقيل هو أحد الكواكب الخمسة السيارة. (وخير لكم من الدينار والدرهم) وهو ظاهر لأن نفعهما منقطع ونفع الذكر دائم، والمراد خير لكم من انفاقهما في سبيل الله.
(فقد أعطى خير الدنيا والآخرة) أما خير الآخرة فظاهر وأما خير الدنيا فلان من كان لله كان الله له فهو مشغول بالذكر والله سبحانه يهيء له أسباب مهماته.
(وقال في فوله تعالى: (ولا تمنن تستكثر) قال: لا تستكثر ما عملت من خير لله) كأنه أشار إلى أن لا تمنن من منه بكذا وأن تستكثر بدل منه وأن ما صدر من خير لله سواء كان عبادته أم الاحسان إلى عباده يجب أن لا تستكثر لأن اكثاره يوجب اخراج النفس عن حد التقصير وعجبها واحباط أجرها.
* الأصل: