لعدم فائدة الدعاء، وأجاب (عليه السلام) عنها بوجهين: أحدهما أن الدعاء في نفسه مطلوب لأنه عبادة جليلة تؤدي إلى منزلة رفيعة عند الله تعالى لا تنال المنزلة إلا بمسئلة ودعاء وتضرع.
الثاني أن الكائن قد يزيد وينقص ويمحو إذا كان مشروطا بشرط مثلا يقدر عمره بثلاثين سنة أن لم يصل رحمه وبسبعين ان وصلها ويقدر رزقه يوم كذا بدرهم ان لم يدع ولم يطلب الزيادة وبدرهمين ان دعاها وطلبها وهكذا باقي المطالب فحينئذ يجوز أن يكون الدعاء من جملة الشرائط للزيادة والأصل حصول المطلوب وكذا لو قدر نزول بلية يوم كذا أن لم يتضرع إليه في دفعها فلا شبهة في أن حصول النجاة منها مشروط بالدعاء، وبالجملة لوجود الكائنات وعدمها شروط وأسباب والدعاء من جملتها بل أعظمها، نعم رد هذه الشبهة على من يزعم أنه لا فاعل إلا الله ولا مؤثر سواه فإنه يفعل بلا شرط ولا سبب (1) ولا غرض، وكما يرد عليهم هذه الشبهة يرد عليهم أن لا فائدة في السعي إلى جميع الأعمال مثل الصوم والصلاة والزكاة والحج وغيرها فإن كل مقدر كائن قطعا ولا دخل لسعي العباد فيه وهم أجابوا عنها بتكلفات، فقال السمعاني: معرفة هذا الباب التوقف لا النظر ومن نظر ضل وحار وهذا لا يزيل الشبهة بل اعتراف بورودها وقال الآبي: والقضاء وان سبق بمكان كل ما هو كائن لكن استحقاق العبد للثواب وحصول المطالب ليس بذاته بل موقوف على العمل والدعاء بمعني أن الفائز بالمقاصد ميسر للدعاء والعمل والمحروم ميسر لتركها كما قال (عليه السلام): «كل ميسر لما خلق له» وقال محي الدين البغوي: والكل وان كان مفروغا عنه إلا أن الله تعالى أمر بالصلاة والصوم ووعد بأنها تنجي من النار والدعاء بالنجاة مثلا من جملة تلك العبادات فكما لا يحسن ترك الصلاة اتكالا على ما سبق من القدر فكذلك لا يترك الدعاء بالمعافاة.
* الأصل:
4 - حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ، عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لم يسأل الله عز وجل من فضله [فقد] افتقر.
* الشرح:
قوله: (من لم يسأل الله عز وجل من فضله [فقد] افتقر) إذ وقوع الإعطاء مع السؤال متحقق لا بدونه بناء على وجود شرطه أو وجود ما هو سبب لصيرورته مصلحة وهو السؤال والطلب فترك