ترك طينتهم كما اخذها لم تروهم في خلق الآدميين ولم يقروا بالشهادتين ولم يصوموا ولم يصلوا ولم يزكوا ولم يحجوا البيت ولم تروا أحدا منهم بحسن الخلق ولكن الله عز وجل جمع الطينتين طينتكم وطينتهم فخلطهما وعركهما عرك الأديم ومزجها بالمائين فما رأيت من أخيك المؤمن من شر لفظ أو زنى أو شئ مما ذكرت من شرب مسكر أو غير فليس من جوهريته ولا من ايمانه إنما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق أو صوم أو صلاة أو حج بيت أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته إنما تلك الأفاعيل من مسحة الايمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الايمان قلت جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فمه قال لي يا إسحاق لا يجمع الله الخير والشر في موضع واحد إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الايمان منهم فردها إلى شيعتنا ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها إلى أعدائنا وعاد كل شئ إلى عنصره الأول الذي منه ابتدأ اما رأيت الشمس إذا هي بدت ترى لها شعاعا زاجرا متصلا أو باينا منها قلت جعلت فداك الشمس إذا غربت بدأ إليها الشعاع كما بدأ منها ولو كان باينا منها لما بدأ إليها قال نعم يا إسحاق كل شئ يعود إلى جوهره الذي منه بدأ قلت جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد الينا وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم قال اي والله الذي لا إله إلا هو قلت جعلت فداك أجدها في كتاب الله عز وجل قال نعم يا إسحاق قلت في اي مكان قال لي يا إسحاق ما تتلو هذه الآية (أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) فلن يبدل الله سيئاتهم حسنات الا لكم ويبدل الله لكم.
ذكر لي ان بعض الناس أشكل عليه ما في هذه الحديث من قوله قبض قبضة فقال إلى الجنة ولا أبالي وقبض قبضة وقال إلى النار ولا أبالي وقال كيف يجوز ان يخلق قوما للنار في أصل الخلق ثم يكلفهم طاعته وترك معصيته وهل هذا الا ينافي العدل وهو منزه عنه سبحانه.