قال في الهداية: ولنا ما روي أنه عليه الصلاة والسلام أنزل وفد ثقيف في مسجده وهم كفار ، ولان الخبث في اعتقادهم فلا يؤدي إلى تلويث المسجد، والآية محمولة على الحضور استيلاء واستغلال أو طائفين عراة كما كانت عادتهم في الجاهلية اه: أي فليس الممنوع نفس الدخول، يدل عليه ما في صحيح البخاري بإسناده إلى أحمد بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة أخبره أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما بعثه في الحجة التي أمره فيها النبي (ص) قبل حجة الوداع في رهط يؤذن في الناس ألا لا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان إتقاني. قوله: (عام تسع) بالجر بدل من عامهم ط. قوله: (ونادى علي بهذه السورة) كذا في كثير من النسخ التي رأيتها، وفي نسخ ونادى على بعيره بسورة براءة وهي التي كتب عليها ط: وقال: إن المنادي على البعير بأربعين آية من أول سورة براءة هو علي كرم الله وجهه، وقد أرسله عليه الصلاة والسلام عقب الصديق فلحقه، والحكمة في ذلك ليكون الآمر من أهل بيته عليه الصلاة والسلام اه. قوله: (ولا تنس ما مر في فصل الجزية) حيث قال: وأما دخوله المسجد الحرام فذكر في السير الكبير المنع وفي الجامع الصغير عدمه، والسير الكبير آخر تصنيف الإمام محمد رحمه الله تعالى، والظاهر أنه أورد فيه ما استقر عليه الحال اه.
أقول: غايته أن يكون ما في السير الكبير هو قول محمد الذي استقر عليه رأيه، ولذا ذكره الشارح آنفا مع الشافعي وأحمد، وما ذكره أصحاب المتون هنا مبني على قول الإمام، لان شأن المتون ذلك غالبا. تأمل هذا. وذكر الشارح في الجزية أيضا أنهم يمنعون من استيطان مكة والمدينة لأنهما من أرض العرب، قال عليه الصلاة والسلام: لا يجتمع في أرض العرب دينان ولو دخل لتجارة جاز ولا يطيل اه. قوله: (وجاز عيادته) أي عيادة مسلم ذميا نصرانيا أو يهوديا، لأنه نوع بر في حقهم وما نهينا عن ذلك، وصح أن النبي (ص) عاد يهوديا مرض بجواره. هداية. قوله: (وفي عيادة المجوسي قولان) قال في العناية: فيه اختلاف المشايخ فمنهم من قال به لأنهم أهل الذمة وهو المروي عن محمد، ومنهم من قال: هم أبعد عن الاسلام من اليهود والنصارى، ألا ترى أنه لا تباح ذبيحة المجوس ونكاحهم اه.
قلت: وظاهر المتن كالملتقى وغيره اختيار الأول لإرجاعه الضمير في عيادته إلى الذمي، ولم يقل عيادة اليهودي والنصراني كما قال القدوري، وفي النوادر: جار يهودي أو مجوسي مات ابن له أو قريب ينبغي أن يعزيه ويقول: أخلف الله عليك خيرا منه وأصلحك، وكان معناه: أصلحك الله بالاسلام: يعني رزقك الاسلام ورزقك ولدا مسلما. كفاية. قوله: (وجاز عيادة فاسق) وهذا غير حكم المخالطة. ذكر صاحب الملتقط: يكره للمشهور المقتدي به الاختلاط برجل من أهل الباطل والشر إلا بقدر الضرورة، لأنه يعظم أمره بين الناس، ولو كان رجل لا يعرف يداريه ليدفع الظلم عن نفسه من غير إثم فلا بأس به اه.
تنبيه: من العيادة المكروهة إذا علم أنك تثقل على المريض فلا تعده، فقد قيل: مجالسة الثقيل حمي