أقول: وليتأمل المنع مع ما ذكره شيخ مشايخنا الجراحي مما عند الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله (ص) يقول: ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا يعني قبيحا. ولأبي داود والنسائي وصححه ابن حبان وقال الحاكم على شرط الشيخين عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه من يسأل بوجه الله فأعطوه وللطبراني ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من يسأل بوجه الله فيمنع سائله اه.
إلا أن يحمل على السؤال من غير الدنيا، أو على ما إذا علم عدم حاجته وأن سؤاله للتكثير. تأمل.
قوله: (يثاب على قراءته) وإن كان يأثم بترك العمل فالثواب من جهة والاثم من أخرى ط. قوله: (قيل نعم) يشعر بضعفه مع أنه مشى عليه في المختار والملتقى فقال: وعن النبي (ص) أنه كره رفع الصوت عند قراءة القرآن والجنازة والزحف والذكير، فما ظنك عند الغناء الذي يسمونه وجدا ومحبة فإنه مكروه لا أصل له في الدين اه. قوله: (وتمامه قبيل جنايات البزازية) أقول: اضطراب كلام البزازية، فنقل أولا عن فتاوى القاضي أنه حرام لما صح عن ابن مسعود أنه أخرج جماعة من المسجد يهللون ويصلون على النبي (ص) جهرا وقال لهم: ما أراكم إلا مبتدعين ثم قال البزازي: وما روي في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال لرافعي أصواتهم بالتكبير: اربعوا على أنفسكم، إنكم لن تدعوا أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا بصيرا قريبا أنه معكم الحديث يحتمل أنه لم يكن للرفع مصلحة، فقد روي أنه كان في غزاة، ولعل رفع الصوت يجر بلاء والحرب خدعة ولهذا نهى عن الجرس في المغازي، وأما رفع الصوت بالذكر فجائز كما في الاذان والخطبة والجمعة والخ اه. وقد حرر المسألة في الخيرية وحمل ما في فتاوى القاضي على الجهر المضر وقال: إن هناك أحاديث اقتضت طلب الجهر، وأحاديث طلب الاسرار، والجمع بينهما بأن ذلك يختلف باختلاف الاشخاص والأحوال، فالأسرار أفضل حيث خيف الراء أو تأذي المصلين أو النيام، والجهر أفضل حيث خلا مما ذكر، لأنه أكثر عملا ولتعدي فائدته إلى السامعين، ويوقظ قلب الذاكر فيجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم ويزيد النشاط اه ملخصا.
زاد في التاترخانية: وأما رفع الصوت عند الجنائز فيحتمل أن المراد منه النوح أو الدعاء للميت بعد ما افتتح الناس الصلاة أو الافراط في مدحه كعادة الجاهلية بما هو شبيه المحال، وأما أصل الثناء عليه فغير مكروه اه. وقد شبه الامام الغزالي ذكر الانسان وحده وذكر الجماعة بأذان المنفرد، وأذان الجماعة قال: فكما أن أصوات المؤذنين جماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت المؤذن الواحد كذلك ذكر الجماعة على قلب واحد أكثر تأثيرا في رفع الحجب الكثيفة من ذكر شخص واحد. قوله: (وكره احتكار قوت البشر) الاحتكار لغة: احتباس الشئ انتظارا لغلائه، والاسم الحكرة بالضم والسكون كما في القاموس. وشرعا: اشتراء طعام ونحوه وحبسه إلى الغلاء أربعين يوما، لقوله عليه الصلاة