حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٧١٠
بعد البيع وصف آخر يكون فيه قيام المعصية، وأن ما تقوم المعصية بعينه ما توجد فيه على وصفه الموجود حالة البيع كالأمرد والسلاح، ويأتي تمام الكلام عليه. قوله: (أما بيعه من المسلم فيكره) لأنه إعانة على المعصية. قهستاني عن الجواهر.
أقول: وهو خلاف إطلاق المتون وتعليل الشروح بما مر، وقال ط: وفيه أنه لا يظهر إلا على قول من قال: إن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة والأصح خطابهم، وعليه فيكون إعانة على المعصية، فلا فرق بين المسلم والكافر في بيع العصير منهما فتدبر اه‍. ولا يرد على هذا الاطلاق والتعليل المار. قوله: (على خلاف ما في الزيلعي والعيني) ومثله في النهاية والكفاية عن إجارات الامام السرخسي. قوله: (معزيا للنهر) قال فيه من باب البغاة: وعلم من هذا أنه لا يكره بيع ما لم تقم المعصية به كبيع الجارية المغنية والكبش النطوح والحمامة الطيارة والعصير والخشب ممن يتخذ منه المعازف، وأما في بيوت الخانية من أنه يكره بيع الأمرد من فاسق يعلم أنه يعصي به مشكل.
والذي جزم به الزيلعي في الحظر والإباحة أنه لا يكره بيع جارية ممن يأتيها في دبرها أو بيع غلام من لوطي، وهو الموافق لما مر، وعندي أن ما في الخانية محمول على كراهة التنزيه وهو الذي تطمئن إليه النفوس، إذ لا يشكل أنه وإن لم يكن معينا أنه متسبب في الإعانة، ولم أر من تعرض لهذا اه‍. وفي حاشية الشلبي على المحيط: اشترى المسلم الفاسق عبدا أمرد وكان ممن يعتاد إتيان الأمرد يجبر على بيعه. قوله: (فليحفظ توفيقا) بأن يحمل ما في الخانية من إثبات الكراهة على التنزيه، وما في الزيلعي وغيره من نفيها على التحريم فلا مخالفة، وأقول: هذا التوفيق غير ظاهر، لأنه قدم أن الأمرد مما تقوم المعصية بعينه، وعلى مقتضى ما ذكره هنا يتعين أن تكون الكارهة فيه للتحريم، فلا يصح حمل كلام الزيلعي وغيره على التنزيه، وإنما مبني كلام الزيلعي وغيره على أن الأمرد ليس مما تقوم المعصية بعينه كما يظهر من عبارته قريبا عند قوله وجاز إجارة بيت. قوله: (وجاز تعمير كنيسة) قال في الخانية: ولو آجر نفسه ليعمل في الكنيسة ويعمرها لا بأس به لأنه لا معصية في عين العمل. قوله:
(وحمل خمر ذمي) قال الزيلعي: وهذا عنده، وقالا: هو مكروه لأنه عليه الصلاة والسلام لعن في الخمر عشرة، وعد منها حاملها وله أن الإجارة على الحمل وهو ليس بمعصية ولا سبب لها، وإنما تحصل المعصية بفعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل، لان حملها قد يكون للإراقة أو للتخليل، فصار كما إذا استأجره لعصر العنب أو قطعه، والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية اه‍. زاد في النهاية: وهذا قياس وقولهما استحسان، ثم قال الزيلعي: وعلى هذا الخلاف لو آجره دابة لينقل عليها الخمر أو آجره نفسه ليرعى له الخنازير يطيب له الاجر عنده، وعندهما يكره.
(٧١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 705 706 707 708 709 710 711 712 713 714 715 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754