كتاب الايداع قوله: (بغيبة الخ) قيد به، لان المالك لو كان حاضرا لم يضمن كما حققه المصنف. انظر اليعقوبية. قال في المنح: إن الأمانة علم لما هو غير مضمون، فشمل جميع الصور التي لا ضمان فيها كالعارية والمستأجرة والموصى بخدمته في يد الموصى له بها، والوديعة ما وضع للأمانة بالايجاب والقبول فكانا متغايرين. واختاره صاحب النهاية وفي البحر، وحكمهما مختلف في بعض الصور، لأنه في الوديعة يبرأ عن الضمان إذا عاد إلى الوفاق، وفي الأمانة لا يبرأ عن الضمان بعد الخلاف.
نكتة ذكرها في الهامش روي: أن زليخا لما ابتليت بالفقر وابيضت عيناها من الحزن على يوسف عليه السلام جلست على قارعة الطريق في زي الفقراء، فمر بها يوسف عليه السلام فقامت تنادي: أيها الملك اسمع كلامي، فوقف يوسف عليه السلام، فقالت: الأمانة أقامت المملوك مقام الملوك، والخيانة أقامت الملوك مقام المملوك، فسأل عنها فقيل إنها زليخا فتزوجها رحمة عليها اه زيلعي. قوله: (أو كناية) المراد بها ما قابل الصريح مثل كنايات الطلاق لا البيانية. قوله: (لان الخ) التعليل في البحر أيضا. قوله: (ولم يقل الخ) فلو قال لا أقبل الوديعة لا يضمن، إذ القبول عرفا لا يثبت عند الرد صريحا.
قال صاحب الفصولين: أقول دل هذا على أن البقار لا يصير مودعا في بقرة من بعثها إليه فقال البقار للرسول اذهب بها إلى ربها فإني لا أقبلها فذهب بها، فينبغي أن لا يضمن البقار، وقد مر خلافه. بقول الحقير قوله: ينبغي لا ينبغي، إذ الرسول لما أتى بها إليه خرج عن حكم الرسالة وصار أجنبيا، فلما قال البقار ردها على مالكها صار كأنه ردها إلى أجنبي أو ردها مع أجنبي فلذا يضمن، بخلاف مسألة الثوب. نور العين. وتمامه فيه.
وفيه أيضا عن الذخيرة: ولو قال لم أقبل حتى لم يصر مودعا وترك الثوب ربه وذهب فرفعه من لم يقبل وأدخله بيته ينبغي أن يضمن، لأنه لما لم يثبت الايداع صار غاصبا برفعه. يقول الحقير: فيه إشكال، وهو أن الغصب إزالة يد المالك ولم توجد، ورفعه الثوب لقصد النفع لا الضرر، بل ترك المالك ثوبه إيداع ثان ورفع من لم يقبل قبول ضمنا، فالظاهر أنه لا يضمن والله تعالى أعلم اه. قوله:
(شيئا) فلو قال لا أقبل لا يكون مودعا، لان الدلالة لم توجد. بحر. وفيه عن الخلاصة: لو وضع كتابه عند قوم فذهبوا وتركوه ضمنوا إذا ضاع، وإن قاموا واحدا بعد واحد ضمن الأخير لأنه تعين للحفظ فتعين للضمان ا ه. فكل من الايجاب والقبول فيه غير صريح كمسألة الخاني الآتية قريبا.