المسلم فيه ليحصل للناظر نفع بنظارته وللأمين بأمانته فهو أيضا لا يجوز، لان الناظر وكيل عن الواقف، فكأنه صار وكيلا عن الواقف في قبول عقد السلم وأخذ الدراهم على الغلة الخارجة، وقد علمت أن الجائز التوكيل بعقد السلم لا بقبوله، فإذا أخذ الدراهم وصرفها على المستحقين يكون متبرعا صارفا من مال نفسه وتثبت الغلة في ذمته فيلزمه مثلها، وهذا ما ظهر لي. ثم لا يخفى أن هذا كله إنما يكون بعد بيان مقدار المسلم فيه مع سائر شروط السلم وإلا يكون فساده من جهة أخرى كما لا يخفى والله تعالى أعلم.
باب عزل الوكيل قوله: (خيار شرط) لأنه إنما يحتاج إليه في عقد لازم ليتمكن من له الخيار من فسخه إذا أراد.
منح قوله: (فللموكل العزل) قال الزيلعي بعد تقرير مسألة عزل الوكيل: ما لم يتعلق به حق الغير، وعلى هذا قال بعض المشايخ: إذا وكل الزوج بطلاق زوجته بالتماسها ثم غاب لا يملك عزله وليس بشئ، بل له عزله في الصحيح لأن المرأة لا حق لها في الطلاق، وعلى هذا قالوا: لو قال الموكل للوكيل كلما عزلتك فأنت وكيلي لا يملك عزله، لأنه كلما عزله تجددت الوكالة له، وقيل ينعزل بقوله: كلما وكلتك فأنت معزول.
وقال صاحب النهاية: عندي أنه يملك عزله أن يقول عزلتك عن جميع الوكالات فينصرف ذلك إلى المعلق والمنفذ وكلاهما ليس بشئ، ولكن الصحيح إذا أراد عزله وأراد أن لا تنعقد الوكالة بعد العزل أن يقول رجعت عن المعقلة وعزلتك عن المنجزة، لان ما لا يكون لازما يصح الرجوع عنه والوكالة منه اه ملخصا. قوله: (كوكيل خصومة) تمثيل لمدخول النفي: أي ليس له عزله وإن علم به الوكيل لتعلق حق الغير به، فليس للموكل العزل كوكيل خصومة، وهو ما إذا وكل المدعى عليه وكيلا بالخصومة يطلب الخصم الذي هو المدعي ثم غاب وعزله فإنه لا يصح لئلا يضيع حق المدعي ح.
قوله: (كما سيجئ) أي قريبا. قوله: (ولو الوكالة دورية) لا يخلو إما أن يكون مبالغة على قوله:
فللموكل العزل أو على قوله: ما لم يتعلق به حق الغير فعلى الأول يكون المعنى أن له العزل ولو كانت الوكالة دورية والمبالغة حينئذ ظاهرة، وعلى الثاني أنه ليس له العزل في الوكالة الدورية، وعلى كل ففي كلام الشارح مناقشة. أما على الأول فلمنافاته لقوله: وسيجئ عن العيني خلافه، لان الذي سيجئ أن له العزل فليس خلافه. وأما على الثاني فلانه يقتضي أنه مما تعلق به حق الغير وليس كذلك، لان من يقول بعدم عزله في الوكالة الدورية يقول إنه لا يمكن لأنه كلما عزله تجددت له وكالة، وقوله: في طلاق وعتاق يحتمل أنه حال من الوكالة الدورية ويحتمل أنه مسألة أخرى من مدخول لو أيضا: أي ولو في طلاق وعتاق لا بقيد كونه في الوكالة الدورية، وفي كل مناقشة أيضا، لان البزازي لم يصحح شيئا منهما، بل قال: وكله غير جائز الرجوع. قال بعض المشايخ: ليس له أن