كتاب الاكراه قيل في مناسبته: إن الولاء من آثار العتق، والعتق لا يؤثر فيه الاكراه فناسب ذكره عقبه، أو لأنه نادر كالموالاة. قوله: (وشرعا: فعل) أي لا بحق، لان الاكراه بحق لا يعدم ا لاختيار شرعا، كالعنين إذا أكرهه القاضي بالفرقة بعد مضي المدة، ألا ترى أن المديون إذا أكرهه القاضي على بيع ماله نفذ بيعه، والذمي إذا أسلم عبده فأجبر على بيعه نفذ بيعه، بخلاف ما إذا أكرهه على البيع بغير حق.
منح عن مجمع الفتاوى. والفعل يتناول الحكمي كما إذا أمر بقتل رجل ولم يهدد بشئ إلا أن المأمور يعلم بدلالة الحال أنه لو لم يقتله لقتله أو قطعه الآمر فإنه إكراه. قهستاني وسيجئ. ويشمل الوعيد بالقول، ولذا قال في الدرر: أعم من اللفظ وعمل سائر الجوارح. قوله: (في المحل) أي المكره بفتح الراء ح. قوله: (يصير) أي المحل وضمير به للمعنى الذي هو الخوف ح. قوله: (مدفوعا إلى الفعل) أي بحيث يفوت رضاه به وإن لم يبلغ حد الجحر بحيث يفسد الاختيار فيشمل القسمين كما يظهر قريبا.
قوله: (وهو نوعان) أي الاكراه، وكل منهما معدم للرضا، لكن الملجئ وهو الكامل يوجب الالجاء ويفسد الاختيار، فنفي الرضا أعم من إفساد الاختيار والرضا بإزاء الكراهة والاختيار بإزاء الجبر، ففي الاكراه بحبس أو ضرب لا شك في وجود الكراهة وعدم الرضا وإن تحقق الاختيار الصحيح، إذ فساده إنما هو بالتخويف بإتلاف النفس، أو العضو وحكمه إذا حصل بملجئ أن ينقل الفعل إلى الحامل فيما يصلح أن يكون المكره آلة للحامل، كأنه فعله بنفسه كإتلاف النفس والمال، وما لا يصلح أن يكون آلة له اقتصر على المكره كأنه فعله باختياره مثل الأقوال والاكل، لان الانسان لا يتكلم بلسان غيره ولا يأكل بفم غيره، فلا يضاف إلى غير المتكلم والآكل، إلا إذا كان فيه إتلاف فيضاف إليه من حيث الاتلاف لصلاحية المكره آلة للحامل فيه، فإذا أكرهه على العتق يقع كأنه أوقعه باختيار حتى يكون الولاء له ويضاف إلى الحامل من حيث الاتلاف فيرجع عليه بقيمته. وتمامه في التبيين. قوله: (أو عضو) كذا بعض العضو كأنملة. شرنبلالية. قوله: (أو ضرب مبرح) أي موقع في برح قال في القاموس: البرح: الشدة والشر اه. وعبر في الشرنبلالية عن البرهان بقوله: أو ضرب يخاف منه على نفسه أو عضو من أعضائه. قوله: (وإلا فناقص) كالتخويف بالحبس والقيد والضرب اليسير. إتقاني.
قوله: (سلطانا أو لصا) هذا عندهما، وعند أبي حنيفة: لا يتحقق إلا من السلطان، لان القدرة لا تكون بلا منعة، والمنعة للسلطان. قالوا: هذا اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان، لان في زمانه لم يكن لغير السلطان من القوة ما يتحقق به الاكراه، فأجاب بناء على ما شاهد وفي زمانهما ظهر الفساد وصار الامر إلى كل متغلب، فيتحقق الاكراه من الكل. والفتوى على قولهما. كذا في الخلاصة درر. واللص: السارق، وفسره القهستاني بالظالم المتغلب غير السلطان. قال: وإنما ذكره بلفظ اللص تبركا بعبارة محمد، ولذا سعى به بعض حساده إلى الخليفة. وقال سماك في كتابه: لصا. وتمامه فيه.
قوله: (أو نحوه) لا يحتاج إليه بناء على ما ذكرناه عن القهستاني. قوله: (في الحال) كذا في الشرنبلالية