حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٥٨٢
كتاب المزارعة وتسمى المخابرة والمحاقلة، ويسميها أهل العراق: القراح، وبيانه في المنح. قوله: (مناسبتها ظاهرة) وهي قسمة الخارج. قوله: (هي لغة مفاعلة من الزرع) ذكر في البدائع أن المفاعلة على بابها، لان الزرع هو الانبات لغة وشرعا، والمتصور من العبد التسبب في حصول النبات، وقد وجد من أحدهما بالعمل ومن الآخر بالتمكين منه بإعطاء الآلات إلا أنه اختص العامل بهذا الاسم في العرف كاسم الدابة لذوات الأربع اه‍. أو يقال: إن المفاعلة قد تستعمل فيما لا يوجد إلا من واحد كالمداواة والمعاجلة. قال الحموي: ولا حاجة إلى هذا كله، فإن الفقهاء نقلوا هذا اللفظ وجعلوه علما على هذا العقد اه‍. أبو السعود ملخصا.
أقول: وفيه نظر، فإن الكلام في المعنى اللغوي لا الاصطلاحي. تأمل. قوله: (من الزرع) هو طرح الزراعة بالضم: وهو البذر، وموضعه المزرعة مثلثة الراء كما في القاموس، إلا أنه مجاز حقيقته الانبات، ولذا قال (ص): لا يقولن أحدكم زرعت بل حرثت أي طرحت البذر كما في الكشاف وغيره. قهستاني. قوله: (عقد على الزرع) يصح أنه يراد بالزرع الصدر واسم المفعول، لما في البزازية: زرع أرض غيره بغير إذنه ثم قال لرب الأرض ادفع إلي بذري فأكون أكارا: إن البذر صار مستهلكا في الأرض لا يجوز، وإن قائما يجوز، معناه: أن الحنطة المبذورة قائمة في الأرض ويصير الزارع مملكا الحنطة المزروعة بمثلها وذا جائز، لكن تفسد المزارعة لعدم الشرائط، وإذا لم يتناه الزرع فدفعه إلى غيره مزارعة ليتعاهده صح لا إن تناهى اه‍. سائحاني. قوله: (ببعض الخارج) لا ينتقض بما إذا كان الخارج كله لرب الأرض أو العامل فإنه ليس مزارعة، إذ الأول استعانة من العامل والثاني إعارة من المالك كما في الذخيرة. قهستاني. قوله: (وأركانها إلخ) وحكمها في الحال ملك المنفعة وفي المآل الشركة في الخارج، وصفتها أنها لازمة من قبل من لا بذر له فلا يفسخ بلا عذر، وغير لازمة ممن عليه البذر قبل إلقاء البذر في الأرض فملك الفسخ بلا عذر حذرا عن إتلاف بذره، بخلاف المساقاة فإنها لازمة من الجانبين لعدم لزوم الاتلاف فيها. بزازية موضحا. قوله: (ولا تصح عند الامام) إلا إذا كان البذر (1) والآلات لصاحب الأرض والعامل فيكون الصاحب مستأجرا للعامل والعامل للأرض بأجرة ومدة معلومتين ويكون له بعض الخارج بالتراضي، وهذه حيلة زوال الخبث عنده، وإنما لم يصح بدونها لاختلاف فيه من الصحابة والتابعين لتعارض الاخبار عن سيد المرسلين صلوات الله عليه وعليهم إلى يوم الدين كما في المبسوط. وقضى أبو حنيفة بفسادها بلا حد. ولم ينه عنها أشد النهي كما في الحقائق، ويدل عليه أنه فرع عليها مسائل كثيرة، حتى قال

(1) قوله: (الا إذا كان البذر الخ) بحث فيه شيخنا بأنه يكون العامل مستأجرا بعض الأرض وهو مشاع، فتكون الإجارة فاسدة لا تصح مباشرتها، وأيضا العامل يكون عاملا في المشترك ولا أجر للعمل فيه. ثم قال: والذي ذكره في تطييب الأنصباء ان يكون البذر والآلات لصاحب الأرض، وحينئذ يكون مستأجرا للعامل بشئ في الذمة يعوضه بدله شيئا من الخارج ا ه‍ لكن هذا ليس من الباب في شئ بل هو إجارة محضة.
(٥٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754