حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٤٧٥
كتاب الغصب وجه المناسبة كما قال الإتقاني: إن المأذون يتصرف في الشئ بالاذن الشرعي، والغاصب بلا إذن شرعي، ولما كان الأول مشروعا قدمه، وسيأتي أن الغصب نوعان: ما فيه إثم، وما لا إثم فيه، وأن الضمان يتعلق بهما. قوله: (هو لغة أخذ الشئ) وقد يسمى المغصوب غصبا تسمية بالمصدر. قوله:
(إزالة يد محقة) أي بفعل في العين كما ذكره ابن الكمال ليخرج الجلوس على البساط، فإن الإزالة موجودة فيه لكن لا بفعل في العين ح. وفي كون الإزالة موجودة هنا نظر كما ستعرفه، فتدبر. ولا يضمن ما صار مع المغصوب بغير صنعه، كما إذا غصب دابة فتبعتها أخرى أو ولدها لا يضمن التابع لعدم الصنع، وكذا لو حبس الملك عن مواشيه حتى ضاعت لا يضمن لما ذكرنا ولعدم إثبات اليد المبطلة. زيلعي. فإن قيل: وجد الضمان في مواضع ولم يتحقق العلة المذكورة كغاصب الغاصب فإنه يضمن، وإن لم يزل يد الملك بل أزال يد الغاصب والملتقط إذا لم يشهد مع القدرة على الاشهاد مع أنه لم يزل يدا، وتضمن الأموال بالاتلاف تسببا كحفر البئر في غير الملك، وليس ثمة إزالة يد أحد ولا إثباتها، فالجواب: أن الضمان في هذه المسائل لا من حيث تحقق الغصب، بل من حيث وجد التعدي كما في العناية. وقال الديري في التكملة: وقد يدخل في حكم الغصب ما ليس بغصب إن ساواه في حكمه كجحود الوديعة، لأنه لم يوجد الاخذ ولا النقل اه‍.
إذا علمت هذا ظهر سقوط ما أورده الشلبي معزيا للخانية، وجرى عليه بعضهم من أنه إذا قتل إنسانا في مفازة وترك ماله ولم يأخذه فإنه يكون غصبا مع عدم أخذ شئ، وما إذا غصب عجلا فاستهلكه حتى يبس لبن أمه يضمن قيمة العجل ونقصان الام وإن لم يفعل في الام شيئا لما علمت من أن وجود الضمان، لا باعتبار تحقق الغصب، بل من حيث وجود التعدي وإن لم يتحقق الغصب. أبو السعود.
أقول: التزام هذا يوجب ضمان العقار والزوائد لوجود التعدي، فليتأمل. وزاد بعضهم بعد قوله: إزالة يد محققة أو قصرها عن ملكه كما إذا استخدم عبدا ليس في يد مالكه.
قلت: يرد عليه أنه يشمل العقار مع أن المراد إخراجه، فتأمل. قوله: (ولو حكما) مبالغة على قوله إزالة يد فإن يد المودع يد صاحب الوديعة قبل الجحود وبعده أزيلت يد صاحبها حكما، ولو أخره بعد قوله بإثبات يد مبطلة لكان أولى، فإن ذلك إثبات يد مبطلة حكما فيكون راجعا إليهما ط، وعلى ما مر لا حاجة إلى هذا التعميم فإنه تعد لا غصب، لكن في جامع الفصولين في ضمان المودع عن فتاوى رشيد الدين: لو جحدها إنما يضمن إذا نقلها من مكان كانت فيه حال الجحود وإلا فلا، فلو قلنا بوجوب الضمان في الوجهين فله وجه اه‍. وعلى الأول الإزالة حقيقية. تأمل. نعم نقل في الخلاصة عن المنتقى: الضمان مطلقا. قوله: (بإثبات يد مبطلة) الباء بمعنى مع كما أشار إليه مسكين، والنسبة بين إزالة اليد وإثباتها بالعموم والخصوص الوجهي، فيجتمعان في أخذ شئ من يد مالكه بلا رضاه، وينفرد الأول في تبعيد المالك والثاني في زوائد المغصوب. أفاده أبو السعود. وفي القهستاني:
الأصل إزالة اليد المحقة لا إثبات المبطلة، ولهذا لو كان في يد إنسان درة فضرب على يده فوقعت في
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754