كتاب الغصب وجه المناسبة كما قال الإتقاني: إن المأذون يتصرف في الشئ بالاذن الشرعي، والغاصب بلا إذن شرعي، ولما كان الأول مشروعا قدمه، وسيأتي أن الغصب نوعان: ما فيه إثم، وما لا إثم فيه، وأن الضمان يتعلق بهما. قوله: (هو لغة أخذ الشئ) وقد يسمى المغصوب غصبا تسمية بالمصدر. قوله:
(إزالة يد محقة) أي بفعل في العين كما ذكره ابن الكمال ليخرج الجلوس على البساط، فإن الإزالة موجودة فيه لكن لا بفعل في العين ح. وفي كون الإزالة موجودة هنا نظر كما ستعرفه، فتدبر. ولا يضمن ما صار مع المغصوب بغير صنعه، كما إذا غصب دابة فتبعتها أخرى أو ولدها لا يضمن التابع لعدم الصنع، وكذا لو حبس الملك عن مواشيه حتى ضاعت لا يضمن لما ذكرنا ولعدم إثبات اليد المبطلة. زيلعي. فإن قيل: وجد الضمان في مواضع ولم يتحقق العلة المذكورة كغاصب الغاصب فإنه يضمن، وإن لم يزل يد الملك بل أزال يد الغاصب والملتقط إذا لم يشهد مع القدرة على الاشهاد مع أنه لم يزل يدا، وتضمن الأموال بالاتلاف تسببا كحفر البئر في غير الملك، وليس ثمة إزالة يد أحد ولا إثباتها، فالجواب: أن الضمان في هذه المسائل لا من حيث تحقق الغصب، بل من حيث وجد التعدي كما في العناية. وقال الديري في التكملة: وقد يدخل في حكم الغصب ما ليس بغصب إن ساواه في حكمه كجحود الوديعة، لأنه لم يوجد الاخذ ولا النقل اه.
إذا علمت هذا ظهر سقوط ما أورده الشلبي معزيا للخانية، وجرى عليه بعضهم من أنه إذا قتل إنسانا في مفازة وترك ماله ولم يأخذه فإنه يكون غصبا مع عدم أخذ شئ، وما إذا غصب عجلا فاستهلكه حتى يبس لبن أمه يضمن قيمة العجل ونقصان الام وإن لم يفعل في الام شيئا لما علمت من أن وجود الضمان، لا باعتبار تحقق الغصب، بل من حيث وجود التعدي وإن لم يتحقق الغصب. أبو السعود.
أقول: التزام هذا يوجب ضمان العقار والزوائد لوجود التعدي، فليتأمل. وزاد بعضهم بعد قوله: إزالة يد محققة أو قصرها عن ملكه كما إذا استخدم عبدا ليس في يد مالكه.
قلت: يرد عليه أنه يشمل العقار مع أن المراد إخراجه، فتأمل. قوله: (ولو حكما) مبالغة على قوله إزالة يد فإن يد المودع يد صاحب الوديعة قبل الجحود وبعده أزيلت يد صاحبها حكما، ولو أخره بعد قوله بإثبات يد مبطلة لكان أولى، فإن ذلك إثبات يد مبطلة حكما فيكون راجعا إليهما ط، وعلى ما مر لا حاجة إلى هذا التعميم فإنه تعد لا غصب، لكن في جامع الفصولين في ضمان المودع عن فتاوى رشيد الدين: لو جحدها إنما يضمن إذا نقلها من مكان كانت فيه حال الجحود وإلا فلا، فلو قلنا بوجوب الضمان في الوجهين فله وجه اه. وعلى الأول الإزالة حقيقية. تأمل. نعم نقل في الخلاصة عن المنتقى: الضمان مطلقا. قوله: (بإثبات يد مبطلة) الباء بمعنى مع كما أشار إليه مسكين، والنسبة بين إزالة اليد وإثباتها بالعموم والخصوص الوجهي، فيجتمعان في أخذ شئ من يد مالكه بلا رضاه، وينفرد الأول في تبعيد المالك والثاني في زوائد المغصوب. أفاده أبو السعود. وفي القهستاني:
الأصل إزالة اليد المحقة لا إثبات المبطلة، ولهذا لو كان في يد إنسان درة فضرب على يده فوقعت في