وفي المحيط: لا يكره بيع الزنانير من النصراني والقلنسوة من المجوسي لان ذلك إذلال لهما، وبيع المكعب المفضض للرجل إن ليلبسه يكره، لأنه إعانة على لبس الحرام، وإن كان إسكافا أمره إنسان أن يتخذ له خفا على زي المجوس أو الفسقة أو خياطا أمره أن يتخذ له ثوبا على زي الفساق يكره له أن يفعل، لان سبب التشبه بالمجوس والفسقة اه. قوله: (لا عصرها لقيام المعصية بعينه) فيه منافاة ظاهرة لقوله سابقا لان المعصية لا تقوم بعينه ط وهو مناف أيضا لما قدمناه عن الزيلعي من جواز استئجاره لعصر العنب أو قطعة، ولعل المراد هنا عصر العنب على قصد الخمرية، فإن عين هذا الفعل معصية بهذا القصد، ولذا أعاد الضمير على الخمر مع أن العصر للعنب حقيقة فلا ينافي ما مر من جواز بيع العصير واستئجاره على عصر العنب هذا ما ظهر. فتأمل. قوله: (وجاز إجارة بيت إلخ) هذا عنده أيضا لان الإجارة على منفعة البيت، ولهذا يجب الاجر بمجرد التسليم ولا معصية فيه وإنما المعصية بفعل المستأجر وهو مختار فينقطع نسبته عنه، فصار كبيع الجارية ممن لا يستبرئها أو يأتيها من دبر وبيع الغلام من لوطي والدليل عليه أنه لو آجره للسكنى جاز وهو لا بد من عبادته فيه اه. زيلعي وعيني. ومثله في النهاية والكفاية. قال في المنح: وهو صريح في جواز بيع الغلام من اللوطي، والمنقول في كثير من الفتاوى أنه يكره، وهو الذي عولنا عليه في المختصر اه.
أقول: هو صريح أيضا في أنه ليس مما تقوم المعصية بعينه، ولذا كان ما في الفتاوى مشكلا كما مر عن النهر، إذ لا فرق بين الغلام وبين البيت والعصير، فكان ينبغي للمصنف التعويل على ما ذكره الشارح فإنه مقدم على ما في الفتاوى، نعم على هذا التعليل الذي ذكره الزيلعي يشكل الفرق بين ما تقوم المعصية بعينه وبين ما لا تقوم بعينه، فإن المعصية في السلاح والمكعب المفضض ونحوه إنما هي بفعل الشاري، فليتأمل في وجه الفرق فإنه لم يظهر لي ولم أر من نبه عليه. نعم يظهر الفرق على ما قدمه الشارح تبعا لغيره من التعليل، لجواز بيع العصير بأنه لا تقوم المعصية بعينه، بل بعد تغيره فهو كبيع الحديد منم أهل الفتنة، لأنه وإن كان يعمل منه السلاح لكن بعد تغيره أيضا إلى صفة أخرى.
وعليه يظهر كون الأمرد مما تقوم المعصية بعينه كما قدمناه، فليتأمل. قوله: (وأما الأمصار) الأنسب في التعبير كالأمصار إلخ ط. قوله: (فلا يمكنون) أي من اتخاذ البيع والكنائس وإظهار بيع الخمور ونحو ذلك. قوله: (أو كنيسة أو بيعة) الأول معبد اليهود والثاني معبد النصارى. ذكره في الصحاح. ومن ظن عكس هذا فقدسها اه. ابن كمال. لكن تطلق الكنيسة على الثاني أيضا كما يعلم من القاموس والمغرب، والبيعة بالكسر جمعه بيع كعنب. قوله: (وجاز بيع بناء بيوت مكة) أي اتفاقا لأنه ملك لمن بناه، كمن بنى في أرض الوقف له بيعه. إتقاني. قوله: (وأرضها) جزم به في الكنز وهو قولهما وإحدى الروايتين عن الامام، لأنها مملوكة لأهلها لظهور آثار الملك فيها وهو الاختصاص بها شرعا، وتمامه في المنح وغيرها. قوله: (وقد مر في الشفعة) ومر أيضا أن الفتوى على وجوب الشفعة في دور مكة، وهو