كتاب الحجر أورده بعد الاكراه، لان في كل سلب ولاية المختار عن الجري على موجب الاختيار، والاكراه أقوى لان فيه السلب ممن له اختيار صحيح وولاية كاملة فكان بالتقديم أحرى. قوله: (هو لغة المنع) يقال حجر عليه حجرا من باب قتل: منعه من التصرف، فهو محجور عليه والفقهاء يحذفون الصلة تخفيفا، ومنه سمي الحطيم حجرا بالكسر، لأنه منع من الكعبة، وكذا العقل لمنعه من القبائح. قوله:
(مطلقا) ولو عن الفعل أو عما هو مطلوب ط. قوله: (وشرعا منع من نفاذ تصرف قولي) أي من لزومه، فإن عقد المحجور ينعقد موقوفا، والنافذ أعم من الزم. قهستاني. وقدمنا ما فيه الاكراه.
والحاصل: أن المنع من ثبوت حكم التصرف فلا يفيد الملك بالقبض، وفيه أنه لا يشمل سوى العقود الدائرة بين النفع والضر، مع أن القول قد يلغو أصلا كطلاق الصبي، وقد يصح كطلاق العبد، فالمناسب في تعريفه ما في الايضاح بقوله: وفي اصطلاح الفقهاء عبارة عن منع مخصوص بشخص مخصوص عن تصرف مخصوص أو عن نفاذه. وتفصيله أنه منع للرقيق عن نفاذ تصرفه الفعلي الضار وإقراره بالمال في الحال، وللصغير والمجنون عن أصل التصرف القولي إن كان ضررا محضا، وعن وصف نفاذه إن كان دائرا بين الضرر والنفع اه. وكتب في هامشه: الحجر على مراتب:
أقوى، وهو المنع ن أصل التصرف ومتوسط وهو المنع عن وصفه وهو النفاذ، وضعيف، وهو المنع عن وصف وصفه وهو كون النفاذ حالا اه. وقد أدخل في التعريف المنع عن الفعل كما ترى، ودخل فيه نحو الزنا والقتل في الصبي والمجنون، فإنه محجور عليهما بالنسبة لحكمه، وهو الحد والقصاص كما في الجوهرة، ويظهر لي أن هذا هو التحقيق، فإنه إن جعل الحجر هو المنع من ثبوت حكم التصرف فما وجه تقييده بالقولي ونفي الفعلي مع أن لكل حكما؟ وبهذا يندفع ما استشكله الشارح من أصله، واما ما علل به من قوله: لان الفعل بعد وقوعه لا يمكن رده نقول الكلام في منع حكمه لا منع ذاته، ومثله القول لا يمكن رده بذاته بعد وقوعه بل رد حكمه.
فإن قلت: قيد بالقولي لان الافعال لا يحجر عنها كلها فإن ما يوجب الضمان منها يؤاخذ بها.
قلت: وكذلك القول بعضه غير محجور عنه كالذي تمحض نفعا كقبول الهبة والهدية والصدقة، إلا أن يفرق بالقلة والكثرة، فليتأمل. قوله: (لمنع نفاذ فعله في الحال) كاستهلاكه للأموال فإنه صدق عليه منع النفاذ في الحال، ومع أنه فعل لا قول، ونفاذه في المآل لا ينافي وجود المنع في الحال، وإلا لزم أن لا يصح قولنا محجور عن الاقرار مثلا في حق المولى، فافهم. وهذا من المنع عن وصف الوصف كما قدمناه. قوله: (بل بعد العتق الخ) أي بل ينفذ بعده، ولان توقفه كان لحق المولى وقد زال.
ثم اعلم أن الذي يتوقف هو إقراره بالمال كما يأتي، وكذا مطالبته بالمهر ولو تزوج بلا إذن مولاه ودخل بها كما ذكره الزيلعي في باب النكاح الرقيق، وكأنه لما كان برضاها صارت راضية بتأخير المهر.
وأما ما ذكره عن البدائع تبعا لابن الكمال. من أنه لو أتلف مال الغير لا يؤاخذ به في الحال، فهو