بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢٩
فتعلق الطلاق بالدخول وبقى القذف متحققا ألا ترى انه لو قال أنت طالق يا عمرة ان دخلت الدار صح التعليق ولم يصر قوله يا عمرة فاصلا كذا ههنا (وجه) قول أبي حنيفة ان تعليق الطلاق بالشرط قد صح لما مر في كلام محمد والقذف لم يتحقق لأنه ذكر عقيبه الشرط والقذف متى علق بالشرط لا يقصد الانسان تحقيقه للحال واليا بعد وجود الشرط على ما مر وكان القاضي الجليل يقول تعليق القذف بالشرط يكون تبعيدا للقذف كما يقول الرجل ان فعل كذا فامرأته زانية أو أمه زانية يريد بذلك تبعيد الفعل ولن يتحقق تبعيد الفعل الا بتبعيد الاتصاف بالزنا عن أمه وامرأته وبمثل هذا يحصل الوصف بالاحصان دون الوصف بالزنا والحاق العار به والله عز وجل أعلم وكذا لو قال أنت طالق يا زانية إن شاء الله تعالى فهو على هذا الخلاف ولو كان النداء بالطلاق بأن قال أنت طالق يا طالق ان دخلت الدار هذا أيضا على الخلاف بين أبى يوسف ومحمد الا ان أبا حنيفة يفرق بين هذا وبين النداء بالزنا بقوله يا زانية ويقول يقع الطلاق منجزا بقوله أنت طالق ولا يتعلق بدخول الدار ويصير كقوله يا طالق فاصلا ووجه الفرق ان قوله يا طالق وإن كان نداء فهو ايقاع الطلاق فكان قوله أنت طالق يا طالق ايقاعا عقيب ايقاع من غير عطف البعض على البعض والشرط اتصل بآخر الايقاعين دون الأول منهما فبقي الأول تنجيزا بخلاف قوله يا زانية فإنها نداء وتأكيد لما تقدم من تاء الخطاب لا ايقاع فلم يتعلق به فلم يصر حائلا فلم يمنع من تعلق الشرط بالجزاء ولو قال أنت طالق إن شاء الله هذا أيضا على ما ذكرنا من الخلاف بينهم والفرق لأبي حنيفة بين هذا وبين قوله أنت طالق يا زانية إن شاء الله ولو كان النداء بالعلم بان قال أنت طالق يا عمرة ان دخلت الدار فههنا يتعلق الطلاق بالشرط بالاجماع وأبو يوسف يحتاج إلى الفرق بين هذا وبين قوله يا زانية والفرق ان قوله يا عمرة لا يفيد ما يفيده قوله أنت فكان تأكيدا له فالتحق به فلم يصر فاصلا (وأما) قوله يا زانية ففيه زيادة أمر لا تفيده تاء الخطاب وهو اثبات وصف الزنا ويتعلق به شرعا حكم وهو الحد أو اللعان في الجملة فلا يمكن أن يجعل تكرارا للتاء الموضوعة للخطاب فكان معتبرا في نفسه فلم يصر ملتحقا بتاء الخطاب فبقي فاصلا فاما فيما نحن فيه فبخلافه على ما مر ولو قال أنت طالق يا عمرة إن شاء الله لا يقع الطلاق لما مر هذا إذا أتى بالنداء في أول الكلام أو وسطه فاما إذا أتى به في آخر الكلام أما في النداء بالزنا بان قال أنت طالق ان دخلت الدار يا زانية فان الطلاق يتعلق بالدخول لأنه علق الطلاق بالدخول ثم ناداها بعد ذلك فصار قاذفا ولم يوجد بعد القذف شرط ليقال إن ه قصد تعليق القذف بعد تحقيقه وكذا في قوله أنت طالق إن شاء الله يا زانية بطل الطلاق وتحقق القذف وفي قوله أنت طالق ان دخلت الدار يا طالق تعلق الأول بالدخول ووقع بقوله يا طالق طلاق لدخول الشرط في الأول دون قوله يا طالق وكذا لو قال أنت طالق إن شاء الله يا طالق وكذا قوله أنت طالق ان دخلت الدار يا عمرة فهذا رجل علق الطلاق بدخول الدار ثم ناداها ونبهها بالنداء على اليمين والخطاب فصح التعليق وكذا لو قال أنت طالق إن شاء الله يا عمرة لا يقع شئ لما مر قال أبو حنيفة ولو قال لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق يا زانية ثلاثا فهي ثلاث ولا حد ولا لعان وقال أبو يوسف هي طالق واحدة وعليه الحد أبو حنيفة لم يفرق بين المدخول بها وغير المدخول بها لان قوله يا زانية نداء فلا يفصل بين العدد وهو قوله ثلاثا وبين أصل الايقاع وهو قوله أنت طالق وإذا لم يفصل فيوقف الوقوع على آخر الكلام وهو قوله ثلاثا فتبين فلا يمكن الحاق اللعان بعد البينونة وأبو يوسف يقول إن قوله يا زانية يفصل بين الايقاع والعدد فبانت بقوله أنت طالق فصادفها قوله يا زانية وهي أجنبية فيجب عليه الحد ويلغو قوله ثلاثا قال أبو يوسف ولا يشبه هذا المدخول بها إذا قال لها أنت طالق يا زانية ثلاثا تبين بثلاث ولا حد ولا لعان لأنا وان اعتبرنا قوله يا زانية فاصلا فإنه لا يمنع الحاق الثلاث به فإنه لو قال لها أنت طالق وسكت فقيل له كم فقال ثلاثا فكذا إذا فصل بقوله يا زانية وقال أبو حنيفة وأبو يوسف إذا قال لها قبل الدخول بها أنت طالق ثلاثا أو قال أنت طالق ان دخلت الدار فماتت بعد قوله أنت طالق قبل قوله إن دخلت الدار فهذا باطل لا يلزمه طلاق لان العدد إذا قرن بالتطليق كان الواقع هو العدد وهي عند ذلك ليست بمحل لوقوع الطلاق عليها والشرط إذا الحق بآخر الكلام يتوقف أول الكلام
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248