فاصلا قاطعا للاستثناء فيتعلق الطلاق بالخروج وقال القدوري وينبغي على قول أبي حنيفة ان لا يصح الاستثناء ويقع الطلاق في الفصلين جميعا بناء على أصله فيمن قال لامرأته أنت طالق ثلاثا وثلاثا إن شاء الله تعالى (ومنها) أن لا يدخل بين الشرط والجزاء حائل فإذا دخل لم يكن يمينا وتعليقا بل يكون تنجيزا وعلى هذا يخرج ادخال النداء في وسط الكلامين أنه يكون فاصلا مانعا من التعليق أولا وجملة الكلام فيه أن النداء أنواع ثلاثة نداء بالقذف بأن يقول يا زانية ونداء بالطلاق بأن يقول يا طالق ونداء بالعلم بأن يقول يا زينب أو يا عمرة وكل واحد من الأنواع الثلاثة على ثلاثة أوجه اما ان ذكر النداء في أول الكلام واما ان ذكره في أوسطه واما ان ذكره في آخره وكل ذلك ينقسم إلى قسمين اما ان علق بشرط وهو دخول الدار ونحوه واما ان نجز وأدخل فيه الاستثناء فقال إن شاء الله تعالى أما النداء بالقذف إذا ذكره في أول التعليق بالشرط لا يمنع من التعليق ويكون قذفا صحيحا بأن قال لامرأته يا زانية أنت طالق ان دخلت الدار لان قوله يا زانية وإن كان موضوعا للنداء لكنه وصف لها بالزنا من حيث المعنى لأنه اسم مشتق من حيث المعنى وهو الزنا والاسم المشتق من معنى يقتضى وجود ذلك المعنى لا محالة كسائر الأسماء المشتقة من المعاني من المتحرك والساكن ونحو ذلك سواء كان الاسم موضوعا للنداء أو غيره فصار بوصفه إياها بالزنا ونسبة الزنا إليها قاذفا لها بالزنا وهي زوجته وموجب قذف الزوجات اللعان عند استجماع شرائط اللعان ثم صار معلقا طلاقها بدخول الدار بقول أنت طالق ان دخلت الدار فيتعلق به وهذا لأنه ناداها لتتنبه لسماع كلامه فلما تنبهت خاطبها باليمين وهي تعليق طلاقها بدخول الدار وكذا لو قال يا زانية أنت طالق إن شاء الله تعالى صار قاذفا لما قلنا ولا يقع الطلاق ولدخول الاستثناء فيه ولو بدأ بالنداء في الطلاق فقال يا طالق أنت طالق ان دخلت الدار وقع الطلاق بقوله يا طالق لأنه وصفها يا لطلاق فيقتضى تقدم ثبوت الطلاق على وصفه إياها لضرورة صحة الوصف وتعلق طلاق آخر بدخول الدار لما ذكرنا في الفصل الأول وكذا لو قال يا طالق إن شاء الله تعالى يقع الطلاق بقوله يا طالق ولم يقع الثاني لدخول الاستثناء عليه ولو بدأ بالنداء بالعلم فقال يا عمرة أنت طالق ان دخلت الدار لا يقع شئ وتعلق الطلاق بالدخول لأنه بندائه إياها بالعلم نبهها على سماع كلامه ثم علق طلاقها بالدخول وكذا لو قال يا عمرة أنت طالق يا عمرة إن شاء الله تعالى لا يقع شئ لما ذكرنا هذا إذا بدأ بالنداء اما بالقذف أو بالطلاق أو بالعلم فاما إذا أتى بالنداء في وسط الكلام في التعليق بالشرط بان قال لها أنت طالق يا زانية ان دخلت الدار فقد روى ابن سماعة عن محمد انه لا يصير فاصلا ويتعلق الطلاق بدخول الدار ويصير قاذفا ويجب اللعان وكان أبو يوسف يقول بهذا القول ثم رجع وقال يقع الطلاق للحال ولا يصير قاذفا حتى لا يجب اللعان وذكر محمد في الجامع ان الطلاق يتعلق بدخول الدار ولا يصير النداء فاصلا بين الشرط والجزاء مانعا من التعليق ولا يصير قاذفا ولا يجب اللعان قال المشايخ ما ذكره ابن سماعة عن محمد هو قوله الأخير وما ذكره محمد في الجامع قول أبي حنيفة فحصل في المسألة ثلاثة أقوال على قول أبي حنيفة تعلق القذف وبطل في نفسه وتعلق الطلاق وعلى قول محمد تعلق الطلاق ولم يتعلق القذف بل تحقق للحال وعلى قول أبى يوسف تعلق القذف فبطل في نفسه ولم يتعلق الطلاق بل تنجز (وجه) قول أبى يوسف انه لما ذكر قوله إن دخلت الدار عقيب قوله يا زانية فقد علق القذف بالشرط والقذف لا يتعلق بالشرط لأنه وصف الشخص بالزنا كقوله قائمة وقاعدة انه وصفها بالقيام والقعود ووصف الشئ بصفة يكون اخبارا عن وجود الصفة فيه والاخبار مما لا يتعلق بالشرط حتى يكون صادقا عند وجوده كاذبا عند عدمه أو مخبرا عند وجوده غير مخبر عند عدمه وإذا لم يتعلق صار لغوا فصار حائلا بين الشرط والجزاء فينزل الجزاء لكن مع هذا لا يصير قاذفا لأنه قصد تعليق القذف بالشرط ومن قصد تعليق شئ بشرط لا يكون مثبتا له في الحال فلم يصر قاذفا وعند وجود الشرط لا يصير قاذفا أيضا لأنه لم يتعلق به حتى ينزل عند وجوده (وجه) ما روى ابن سماعة عن محمد ان قوله يا زانية وان لم يتعلق ولكنه مع هذا لا يصير لغوا لأنه لتأكيد الخطاب الموجود بقوله أنت طالق فصار مؤكدا لباب الخطاب فالتحق به فصار كأنه قال أنت يا زانية ان دخلت الدار طالق
(٢٨)