عن التزوج بأختها وعن التزوج بأربع سواها فكان مقيدا فكان محلا لإضافة الكناية المبينة إليه لما ان الإبانة قطع الوصلة وانها ثابتة من جانبه كذا هذا ولنا الكتاب والسنة والمعقول أما الكتاب فقوله عز وجل فطلقوهن لعدتهن أمر سبحانه وتعالى بتطليقهن والامر بالفعل نهى عن تركه وتطليق نفسه ترك لتطليق امرأته حقيقة لأنه أضاف الطلاق إلى نفسه لا إلى امرأته حقيقة فيكون منهيا والمنهى غير المشروع والتصرف الذي ليس بمشروع لا يعتبر شرعا وهو تفسير عدم الصحة وأما السنة فما روى أبو داود في سننه باسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تزوجوا ولا تطلقوا فان الطلاق يهتز له عرش الرحمن نهى عن التطليق مطلقا سواء كان مضافا إلى الزوج أو إلى الزوجة وأكد النهى بقوله فان الطلاق يهتز له عرش الرحمن فظاهر الحديث يقتضى أن يكون التطليق منهيا سواء أضيف إلى الزوج أو إليهما ثم جاءت الرخصة في التطليق المضاف إلى الزوجة في نصوص الكتاب من قوله تعالى فطلقوهن لعدتهن وقوله تعالى فان طلقها وقوله تعالى لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ونحو ذلك فبقي التطليق المضاف إلى الزوج على أصل النهى والمنهى غير مشروع والتصرف الشرعي إذا خرج من أن يكون مشروعا لا وجود له شرعا فلا يصح ضرورة وأما المعقول فهو أن قوله أنا منك طالق اما أن يعتبر اخبارا عن كونه طالقا كما يقتضيه ظاهر الصيغة واما أن يعتبر انشاء وهو اثبات الانطلاق ولا سبيل إلى الثاني لأنه منطلق وليس عليه قيد النكاح واثبات الثابت محال فتعين الأول وهو أن يكون اخبارا عن كونه طالقا وهو صادق في هذه الأخبار والدليل على أنه ليس عليه قيد النكاح وجهان أحدهما ان قيد النكاح في جانب المرأة إنما ثبت لضرورة تحقيق ما هو من مقاصد النكاح وهو السكن والنسب لان الخروج والبروز يريب فلا يطمئن قلبه إليها وإذا جاءت بولد لا يثق بكونه منه وهذه الضرورة منعدمة في جانب الزوج فلا يثبت عليه قيد النكاح والثاني ان قيد النكاح هو ملك النكاح وهو الاختصاص الحاجز والزوج مالك لأن المرأة مملوكة ملك النكاح والمملوك لابد له من مالك ولا ملك لغير الزوج فيها فعلم أن الزوج مالكها فاستحال أن يكون مملوكا بخلاف ما إذا أضاف الطلاق إليها فان قال لها أنت طالق انه لا يمكن حمل هذه الصيغة على الاخبار لأنه يكون كذبا لكونها غير منطلقة لثبوت قيد النكاح فيحمل على الانشاء انه ممكن لعدم الانطلاق قبله بخلاف الكناية المبينة لان الإبانة قطع الوصلة وانها ثابتة في الطرفين فإذا زالت من أحد الطرفين تزول من الطرف الآخر ضرورة لاستحالة اتصال شئ بما هو منفصل عنه والتحريم اثبات الحرمة وانها لا تثبت من أحد الجانبين لاستحالة أن يكون الشخص حلالا لمن هو حرام بخلاف الطلاق لأنه اثبات الانطلاق ورفع القيد والقيد لم يثبت الا من جانب واحد وانه قائم وأما قوله الزوج ممنوع عن التزوج بأختها وأربع سواها فنعم لكن ذلك لم يثبت الا من جانب واحد وانه قائم لان المنع من ذلك لكونه جمعا بين الأختين في النكاح وهذا كان ثابتا قبل النكاح ألا ترى لو تزوجهما جميعا لم يجز وسواء كانت الإضافة إلى امرأة معينة أو مبهمة عند عامة العلماء حتى لو قال لامرأتيه إحداكما طالق أو قال لأربع نسوة له إحداكن طالق ولم ينو واحدة بعينها صحت الإضافة وقال نفاة القياس لا تصح إضافة الطلاق إلى المعينة وجه قولهم لم يصلح محلا للنكاح فلا يصلح محلا للطلاق إذ الطلاق يرفع ما ثبت بالنكاح وكذا لم يصلح محلا للبيع والهبة والإجارة وسائر التصرفات فكذا الطلاق وأما عمومات الطلاق من الكتاب والسنة من نحو قوله عز وجل فطلقوهن لعدتهن وقوله الطلاق مرتان وقوله سبحانه فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وقوله لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن وقول النبي صلى الله عليه وسلم كل طلاق جائز الاطلاق الصبي والمعتوه من غير فصل بين طلاق وطلاق وبين الطلاق المضاف إلى المعين والمجهول ولان هذا ليس بتنجيز الطلاق في الحقيقة بل هو تعليق من حيث المعنى بشرط البيان لما نذكر والطلاق مما يحتمل التعليق بالشرط ألا ترى أنه يصح تعليقه بسائر الشروط فكذا بهذا الشرط بخلاف النكاح فإنه لا يحتمل التعليق بالشرط فلا تكون المجهولة محلا للنكاح وكذا الإجارة والبيع وسائر التصرفات وعلى هذا الوجه لا يكون هذا ايقاع الطلاق في المجهولة لأنه تعليق
(١٤٢)