والحمل على القران يوجب الوقوع فلا يثبت الوقوع بالشك على الأصل المعهود ان ما لم يكن ثابتا وقع الشك في ثبوته لا يثبت بالشك بخلاف مسألة الفضولي فإنه كما لا يجوز الجمع بين الأختين على المقارنة لا يجوز على الترتيب فأمكن العمل بحرف الواو فيما يقتضيه وهو الجمع المطلق وفي مسألة الاقرار توقف أول الكلام على آخره لضرورة تدارك الغلط والنسيان إذ قد يكون على إنسان حق لاثنين فيقر بكل الحق لأحدهما على السهو والغفلة ثم يتذكر فيتدارك بهذه اللفظة فوقف أول الكلام عن آخره وصارت الجملة اقرارا واحد لهما للضرورة كما قلنا في تأخير الشرط في الطلاق ومثل هذه الضرورة في مسئلتنا منعدمة فيجب العمل بالحقيقة ولو علق بحرف الفاء بان قال إن دخلت الدار فأنت طالق فطالق فطالق فجعل الكرخي والطحاوي حرف الفاء ههنا كحرف الواو وأثبتا الخلاف فيه والفقيه أبو الليث جعله مثل كلمة بعد وعده مجمع عليه فقال إذا كانت غير مدخول بها لا يقع الا واحدة بالاجماع وهكذا ذكر الشيخ الامام الأجل الأستاذ علاء الدين رحمه الله تعالى وهذا أقرب إلى الفقه لان الفاء للترتيب مع التعقيب ووقوع الأول يمنع من تعقب الثاني والثالث ولو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طالق ثم طالق فالأول يتعلق بالشرط والثاني يقع للحال ويلغو الثالث في قول أبي حنيفة كما إذا لم يذكر الواو ولا الفاء بان قال إن دخلت الدار فأنت طالق طالق طالق فان تزوج بها ودخلت الدار ولم تكن دخلت قبل ذلك الدار نزل المعلق وإن كانت مدخولا بها يتعلق الأول بالشرط وتقع الثانية والثالثة في الحال فان دخلت الدار وهي في العدة أو دخلتها بعد ان راجعها نزل المعلق وقال أبو يوسف ومحمد يتعلق الكل بالشرط حتى لا يقع شئ في الحال وإذا دخلت الدار يقع واحدة وإن كانت مدخولا بها يقع الثلاث على التعاقب كما إذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة وبعدها واحدة وبعدها واحدة وكما قال أبو حنيفة في حرف الواو وجه قولهما ان عطف البعض على البعض بحرف العطف لان ثم حرف عطف كالواو فيتعلق الكل بالشرط ثم الوقوع بعد الشرط يكون على التعاقب بمقتضى حرف ثم لأنه للترتيب مع التراخي فيعتبر أن معنى العطف في التعليق ومعنى الترتيب في الوقوع على ما نذكر ولأبي حنيفة أن قوله إن دخلت الدار فأنت طالق يمين تامة لوجود الشرط والجزاء وانها منعقدة لحصولها في الملك فلما قال ثم طالق فقد تراخى الكلام الثاني عن الأول فصار كأنه سكت ثم قال لها أنت طالق فيقع في الحال ولا يتعلق بالشرط وأبو حنيفة يعتبر معنى الكلمة وهو التراخي في نفس الكلام فكان الفصل بين الكلام الأول والثاني بالتراخي كالفصل بالسكوت على ما نذكر إن شاء الله تعالى ولو أخر الشرط بان قال أنت طالق وطالق وطالق ان دخلت الدار أو قال أنت طالق فطالق فطالق ان دخلت الدار تعلق الكل بالشرط فان وجد الشرط يقع الثلاث بالاجماع لان أهل اللغة وضعوا هذا الكلام على تأخير الشرط لايقاع الثلاث جملة في زمان ما بعد الشرط لحاجتهم إلى تدارك الغلط على ما بينا فيما تقدم ولو قال أنت طالق ان دخلت الدار أنت طالق ان دخلت الدار أنت طالق ان دخلت الدار أو قدم الشرط بان قال إن دخلت الدار فأنت طالق قال ذلك ثلاثا يتعلق الكل بالدخول فما لم تدخل لا يقع شئ وإذا دخلت الدار دخلة واحدة يقع الثلاث بالاجماع لما قلنا إن هذه ايمان ثلاثة لها شرط واحدة كل يمين ايقاع الطلاق والثلاث في زمان واحد وهو ما بعد الشرط فكان ايقاع الثلاث جملة في زمان ما بعد الشرط لا متفرقا فإذا وجد الشرط يقع جملة ولو قال أنت طالق ثم طالق ثم طالق ان دخلت الدار فالأول يقع للحال ويلغو الثاني والثالث في قول أبي حنيفة وإن كانت مدخولا بها يقع الأول والثاني للحال ويتعلق الثالث بالشرط وقال أبو يوسف ومحمد يتعلق الكل بالشرط ولا يقع الا واحدة وإن كانت مدخولا بها يقع الثلاث سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها وجعل ثم عندهما في هذه الصورة كالواو والفاء وجه قولهما على ظاهر الرواية عنهما ان ثم حرف عطف كالواو والفاء ولهما معنى خاص وهو التراخي فيجب اعتبار المعنيين جميعا فاعتبرنا معنى العطف في تعليق الكل بالشرط كما في حرف الواو والفاء واعتبرنا معنى التراخي في الوقوع وهذا يمنع وقوع الثانية والثالثة قبل الدخول بها وجه قول أبي حنيفة ان كملة ثم موضوعة
(١٤٠)