قوله ما لم أطلقك قبل قوله طالق وجد ذلك الوقت فيقع المضاف ولنا ان المضاف إليه وقت خال عن الطلاق ولما قال أنت طالق موصولا بالكلام الأول فلم يوجد وقت خال عن الطلاق لان قوله أنت طالق بجملته طلاق لأنه كلام واحد لكونه مبتدأ وخبرا فلم يوجد بين الكلامين وقت لا طلاق فيه فلا يقع الطلاق المضاف لانعدام المضاف إليه والله عز وجل أعلم ولو قال أنت طالق غدا وقال عنيت آخر النهار لم يصدق في القضاء بالاجماع ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى ولو قال أنت طالق في غد وقال عنيت في آخر النهار يصدق في القضاء في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا يصدق في القضاء وإنما يصدق فيما بينه وبين الله تعالى لا غير وان لم يكن له نية يقع في أول جزء من الغد بلا خلاف وجه قولهما ان الغد اسم زمان والزمان إذا قرن بالفعل يصير ظرفا له سواء قرن به حرف الظرف وهو حرف في أو لم يقرن به فان قول القائل كتبت في يوم الجمعة ويوم الجمعة سواء فكان ذكر حرف الظرف والسكوت عنه بمنزلة واحدة ولو لم يذكر ولو قال أنت طالق غدا وقال عنيت آخر النهار لم يصدق في القضاء ولهذا لو لم يكن له نية يقع في أول جزء من الغد ولأبي حنيفة ان ما كان من الزمان ظرفا فاللفعل حقيقة وهو أن يكون كله ظرفا له يذكر بدون حرف الظرف وما كان منه ظرفا له مجازا وهو أن يكون بعضه ظرفا له والآخر ظرف ظرفه يذكر مع حروف الظرف فلما قال أنت طالق غدا بدون حرف الظرف فقد جعل الغد كله ظرفا للطلاق حقيقة وإنما يكون كله ظرفا للطلاق حقيقة إذا وقع الطلاق في أول جزء منه فإذا وقع في أول جزء منه يبقى حكما وتقديرا فيكون جميع الغد ظرفا له بعضه حقيقة وبعضه تقديرا اما إذا وقع الطلاق في آخر النهار لا يكون كل الغد ظرفا له بل يكون ظرف الظرف فإذا قال عنيت آخر النهار فقد أراد العدل من الظاهر فيما يتهم فيه بالكذب فلا يصدق في القضاء ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى ما يحتمله كلامه ولما قال أنت طالق في غد فلم يجعل الغد كلمة ظرف للطلاق حقيقة بل جعله ظرف الظرف وبين ان الظرف الحقيقي للطلاق هو جزء من الغد وذلك غير معين فكان التعيين إليه فإذا قال عنيت آخر النهار فقد عين فيصدق في التعيين لأنه نوى حقيقة كلامه ونظيره ما إذا قال إن صمت في الدهر فعبدي حر فصام ساعة يحنث ولو قال إن صمت الدهر لا يحنث الا بصوم الأبد بالاجماع لما قلنا كذا هذا الا انه إذا لم ينو شيئا يقع الطلاق في أول جزء من الغد لان الاجزاء قد تعارضت فترجح الأول منها احتياطا لثبوت الاستحقاق له من وجه الاحتمال انه ذكر حرف الظرف لتأكيد ظرفية الغد لا لبيان انه ظرف الظرف فترجح الجزء الأول على سائر الأجزاء عند استواء الكل في الجواز بثبوت الاستحقاق من وجه فيقع في الجزء الأول وقد خرج الجواب عن قولهما ان دخول حرف الظرف في الغد وعدم الدخول سواء لأنا قد بينا انهما يستويان والله عز وجل أعلم ولو قال لامرأته أنت طالق اليوم وغدا يقع الطلاق في اليوم لأنه جعل الوقتين جميعا ظرفا لكونها طالقا ولن يكون الوقتان جميعا ظرفا الا عند الوقوع في أولهما لأنه لو تأخر الوقوع إلى الغد لكان الظرف أحدهما ولو قال أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم يؤخذ بأول الوقتين الذي تفوه به لأنه في الأول أوقع الطلاق في اليوم ووصف اليوم بأنه غد وهو محال فلغا قوله غدا وبقى قوله اليوم فيقع الطلاق في اليوم وفي الثاني أضاف الطلاق إلى الغد ووصف الغد بأنه اليوم وهو محال فلغا قوله اليوم وبقى قوله غدا فيقع الطلاق في غد ولو قال لها أنت طالق متى شئت أو متى ما شئت أو إذا شئت أو إذا ما شئت أو كلما شئت لا يقع الطلاق ما لم تشأ فإذا شاءت وقع لأنه أضاف الطلاق إلى وقت مشيئتها ووقت مشيئتها هو الزمان الذي توجد فيه مشيئتها فإذا شاءت فقد وجد ذلك الزمان فيقع ولا يقتصر هذا على المجلس بخلاف قوله إن شئت وما يجري مجراه لان هذا إضافة وذا تمليك لما نبين في موضعه وعلى هذا الأصل يخرج الطلاق في العدة وجملة الكلام فيه ان المرأة لا تخلوا ما إن كانت معتدة من طلاق رجعي أو بائن أو خلع فإن كانت معتدة من طلاق رجعي يقع الطلاق عليها سواء كان صريحا أو كناية لقيام الملك من كل وجه لان الطلاق الرجعي لا يزيل الملك ولهذا يصح ظهاره وايلاؤه ويثبت اللعان بينهما وهذه الأحكام لا تصح الا في الملك وإن كانت معتدة من طلاق بائن أو خلع وهي
(١٣٤)