امرأته واحدة أو اثنتين ثم تزوجت بزوج آخر ودخل بها وعادت إلى الأول انها تعود بثلاث تطليقات في قولهما وفي قول محمد تعود بما بقي وهو قول زفر ولقب المسألة أن الزوج الثاني هل يهدم الطلقة والطلقتين عندهما يهدم وعند محمد لا يهدم والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم روى عن علي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله ابن عمر رضي الله عنهم مثل مذهب أبي حنيفة وأبى يوسف وروى عن عمر وأبي بن كعب وعمران بن حصين مثل مذهب محمد وزفر واحتجا بقوله سبحانه وتعالى الطلاق مرتان إلى قوله فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره حرم المطلقة الثلاث مطلقا من غير فصل بين ما إذا تخللت إصابة الزوج الثاني الثلاث وبين ما إذا لم يتخللها وهذه مطلقة الثلاث حقيقة لأن هذه طلقة قد سبقها طلقتان حقيقة والطلقة الثالثة هي الطلقة التي سبقها طلقتان فدخلت تحت النص ولان الزوج الثاني جعل في الشرع منهيا للحرمة لقوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وحتى كلمة غاية وغاية الحرمة لا تتصور قبل وجود الحرمة والحرمة لم تثبت قبل الطلقات الثلاث فلم يكن الزوج الثاني منهيا للحرمة فيلحق بالعدم ولأبي حنيفة وأبى يوسف النصوص والمعقول اما النصوص فالعمومات الواردة في باب النكاح من نحو قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وقوله عز وجل وأنكحوا الأيامى منكم وقول النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجوا ولا تطلقوا فان الطلاق يهتز له عرش الرحمن فهذه النصوص وأمثالها تقتضي جواز النكاح من غير فصل بين أن تكون المرأة مطلقة أو لا وبين أن تكون مطلقة ثلاثا تخللها إصابة الزوج الثاني أولا الا ان المطلقة الثلاث التي لم يتخللها إصابة الزوج الثاني خصت عن النصوص فبقي ما وراءها تحتها وأما المعقول فمن وجهين أحدهما ان النكاح مندوب إليه ومسنون وعقد ومصلحة لتضمنه مصالح الدين والدنيا فلا يجوز ان يمنع عنه لأنه يؤدى إلى التناقض لان قطع المصلحة مفسدة والشريعة منزهة عن التناقض الا انه قد يخرج من أن يكون مصلحة بمخالفة الأخلاق ومباينة الطباع أو غير ذلك من المعاني ويقع اليأس عن استيفاء المصالح من هذه المرأة فشرع الطلاق لاستيفاء المصالح المطلوبة من النكاح من زوجة أخرى الا ان خروج النكاح من أن يكون مصلحة لا يعرف الا بالتأمل والتجربة ولهذا فوض الطلاق إلى الزوج لاختصاصه بكمال الرأي والعقل ليتأمل فإذا طلقها ثلاثا على ظن المخالفة ثم مال قلبه إليها حتى تزوجها بعد إصابة الزوج الثاني الذي هو في غاية النفار في طباع الفحل ونهاية المنع دل أن طريق الموافقة بينهما قائم وانه أخطأ في التجربة وقصر في التأمل فبقي النكاح مصلحة لقيام الموافقة بينهما فلا يجوز القول بحرمته كما في ابتداء النكاح بل أولى لان ثمة لم يوجد الا دليل أصل الموافقة وههنا وجد دليل كمال الموافقة وهو الميل إليها مع وجود ما هو النهاية في النفرة ثم لما حل نكاحها في الابتداء لتحقيق المقاصد فبعد إصابة الزوج الثاني أولى وهذا المعنى لا يوجب التفرقة بين إصابة الزوج الثاني بعد الطلقات الثلاث وبين ما قبلها فورود الشرع بجواز النكاح ثمة يكون ورودا ههنا دلالة والثاني أن الحل بعد إصابة الزوج الثاني وطلاقه إياها وانقضاء عدتها حل جديد والحل الجديد لا يزول الا بثلاث طلقات كما في ابتداء النكاح والدليل على أن هذا حل جديد ان الحل الأول قد زال حقيقة لأنه غرض لا يتصور بقاؤه الا انه إذا لم يتخلل بين الحلين حرمة يجعل كالدائم بتجدد أمثاله فيكون كشئ واحد فكان زائلا حقيقة وتقديرا فكان الثاني حلا جديدا والحل الجديد لا يزول الا بثلاث تطليقات كما في ابتداء النكاح وأما في قوله تعالى فان طلقها فنقول هذه الآية الكريمة تتناول طلقة ثالثة مسبوقة بطلقتين بلا فصل لان الفاء للتعقيب بلا فصل وإصابة الزوج الثاني ههنا حاصلة فلا يتناولها أو تحمل الآية على ما إذا لم يدخل بها الزوج الثاني حتى طلقها وتزوجها الأول وطلقها واحدة توفيقا بين الدلائل وأما قوله بان الشرع جعل إصابة الزوج الثاني غاية للحرمة فنقول كون الإصابة غاية للحرمة يقتضى انتهاء الحرمة عند عدم الإصابة وقد بينا انه يثبت حل جديد بعد الإصابة ولو قال لامرأته ان دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فطلقها ثلاثا قبل الدخول وتزوجت بزوج بها ثم عادت إلى الأول فدخلت الدار لا يقع عليها شئ عند علمائنا الثلاثة وعند زفر يقع عليها ثلاث تطليقات وجه قوله إن المعلق طلقات مطلقة لا مقيدة
(١٢٧)