بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٠٤
جنسا واحدا من الأجناس كالضرب يكون جنسا واحدا من سائر أجناس الفعل وكذا الأكل والشرب ونحو ذلك ولو نوى ثنتين على التقسيم تصح نيته لما نذكر ولو قال أنت الطلاق ونوى الثلاث صحت نيته لان الفعل قد يذكر بمعنى المفعول يقال هذا الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه وهذا علم أبي حنيفة أي معلومه فلو حملناه على المصدر للغا كلامه ولو حملناه على معنى المفعول لصح فكان الحمل عليه أولى وصحت نية الثلاث لأن النية تتبع المذكور والمذكور يلازم الجنس ولو قال لها أنت طالق بدون الألف واللام ذكر الطحاوي انه لا يكون الا واحدة وان نوى الثلاث وفرق بينه وبين قوله أنت الطلاق وذكر الجصاص ان هذا الفرق لا يعرف له وجه الا على الرواية التي روى عن أبي حنيفة في قوله أنت طالق طلاقا لا يكون الا واحدة وان نوى الثلاث فاما على الرواية المشهورة في التسوية بين قوله أنت طالق الطلاق وبين قوله أنت طالق طلاقا فلا يتبين وجه الفرق بين قوله أنت طلاق وبين قوله أنت الطلاق وحكى ان الكسائي سأل محمد بن الحسن عن قول الشاعر فان ترفقي يا هند فالرفق أيمن * وان تخرقى يا هند فالخرق أشأم فأنت طلاق والطلاق عزيمة * ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم فقال محمد رحمه الله ان قال والطلاق عزيمة طلقت واحدة بقوله أنت طلاق وصار قوله والطلاق عزيمة ثلاث ابتداء وخبرا غير متعلق بالأول وان قال والطلاق عزيمة ثلاثا طلقت ثلاثا كأنه قال أنت طالق ثلاثا والطلاق عزيمة لان الثلاث هي في الحال تفسير الموقع فاستحسن الكسائي جوابه وكذا لو قال أنت طالق الطلاق ونوى الثلاث لأنه ذكر المصدر وعرفه بلام التعريف فيستغرق كل جنس المشروع من الطلاق في هذا الملك وهو الثلاث فإذا نوى الثلاث فقد نوى حقيقة كلامه فصحت نيته الا ان عند الاطلاق لا ينصرف إليه لقرينة تمنع من التصرف إليه على ما نذكره ولو نوى ثنتين لا على التقسيم لا تصح نيته لما ذكرنا ان الطلاق مصدر والمصدر صيغته صيغة واحدة فكان تحقيق معنى التوحيد فيه لازما والاثنان عدد محض لا توجد فيه بوجه فلا يحتمله اللفظ الموضوع للتوحيد وإنما احتمل الثلاث من حيث التوحيد لأنه كل جنس ما يملكه من الطلاق في هذا الملك وكل الجنس جنس واحد بالإضافة إلى غيره من الأجناس وأمكن تحقيق معنى التوحيد فيه وان لم يكن له نية لا يقع واحدة لأنه وان عرف المصدر بلام التعريف الموضوعة لاستغراق الجنس لكنه انصرف إلى الواحد بدلالة الحال لان ايقاع الثلاث جملة محظور والظاهر من حال المسلم ان لا يرتكب المحظور فانصرف إلى الواحد بقرينة وصار هذا كما إذا حلف لا يشرب الماء أو لا يتزوج النساء أو لا يكلم بني آدم انه ان نوى كل جنس من هذه الأجناس صحت نيته وان لم يكن له نية ينصرف إلى الواحد من كل جنس لدلالة الحال كذا هذا ول قال أردت بقولي أنت طالق واحدة بقولي الطلاق أو طلاقا أخرى صدق لأنه ذكر لفظين كل واحد منهما يصلح ايقاعا تاما ألا ترى انه إذا قال لها أنت طالق يقع الطلاق ولو قال أنت الطلاق أو طلاق يقع أيضا فإذا أراد بذلك صار كأنه قال لها أنت طالق وطالق ولو قال لامرأته طلقي نفسك ونوى به الثلاث صحت نيته حتى لو قالت طلقت نفسي ثلاثا كان ثلاثا لان المصدر يصير مذكورا في الامر لان معناه حصلي طلاقا والمصدر يقع على الواحد ويحتمل الكل فإذا نوى الثلاث فقد نوى ما يحتمله لفظه وان لم يكن له نية ينصرف إلى الواحد لكونه متيقنا وان نوى ثنتين لا يصح لأنه عدد محض فكان معنى التوحد فيه منعدما أصلا ورأسا فلا يحتمله صيغة واحدة ولو طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة ثم قال لها قبل انقضاء العدة قد جعلت تلك التطليقة التي أوقعتها عليك ثلاثا أو قال قد جعلتها بائنا اختلف أصحابنا الثلاثة فيه قال أبو حنيفة يكون ثلاثا ويكون بائنا وقال محمد لا يكون ثلاثا ولا بائنا وقال أبو يوسف يكون بائنا ولا يكون ثلاثا وجه قول محمد ان الطلاق بعد وقوعه شرعا بصفة لا يحتمل التغيير عن تلك الصفة لان تغييره يكون تغيير الشرع والعبد لا يملك ذلك ألا ترى انه لو طلقها ثلاثا فجعلها واحدة لا تصير واحدة وكذا لو طلقها تطليقة بائنة فجعلها رجعية لا تصير رجعية لما قلنا كذا هذا وجه قول أبى يوسف ان التطليقة الرجعية يحتمل
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248