يطلقها ثلاثا للسنة ويفصل بين كل طلاقيها بشهر وقال محمد لا يطلق الحامل للسنة الا طلقة واحدة وهو قول زفر وذكر محمد رحمه الله في الأصل بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله والحسن البصري رضي الله عنهم ولا خلاف في أن الممتد طهرها لا تطلق للسنة الا واحدة وجه قول محمد وزفر ان إباحة التفريق في الشرع متعلقة بتجدد فصول العدة لان كل قرء في ذوات الأقراء فصل من فصول العدة وكل شهر في الآيسة والصغيرة فصل من فصول العدة ومدة الحمل كلها فصل واحد من العدة لتعذر الاستبراء به في حق الحامل فلم يكن في معنى مورد الشرع فلا يفصل بالشهر ولهذا لم يفصل في الممتد طهرها بالشهر كذا ههنا ولأبي حنيفة وأبي يوسف قوله تعالى الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان شرع الثلاث متفرقات من غير فصل بين الحامل والحائل اما شرعية طلقة وطلقة فبقوله تعالى الطلاق مرتان لان معناه دفعتان على ما نذكر إن شاء الله تعالى وشرعية الطلقة الثالثة بقوله عز وجل أو تسريح باحسان أو بقوله عز وجل فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره من غير فصل ولان الحامل ليست من ذوات الأقراء فيفصل بين طلاقها بشهر كالآيسة والصغيرة والجامع ان الفصل هناك بشهر لكون الشهر زمان تجدد الرغبة في العادة فيكون زمان تجدد الحاجة وهذا المعنى موجود في الحامل فيفصل فأما كون الشهر فصلا من فصول العدة فلا أثر له فكان من أوصاف الوجود لا من أوصاف التأثير إنما المؤثر ما ذكرنا فينبني الحكم عليه وما ذكر محمد رحمه الله في الأصل لا حجة له فيه لان لفظ الحديث أفضل طلاق الحامل ان يطلقها واحدة ثم يدعها حتى تضع حملها وبه نقول إن ذلك أفضل ولا كلام فيه وأما الممتد طهرها فإنما لا تطلق للسنة الا واحدة لأنها من ذوات الأقراء لأنها قد رأت الدم وهي شابة لم تدخل في حد الإياس الا انه امتد طهرها لداء فيها يحتمل الزوال ساعة فساعة فبقي أحكام ذوات الأقراء فيها ولا تطلق ذوات الأقراء في طهر لا جماع فيه للسنة الا واحدة والله عز وجل أعلم ولو طلق امرأته تطليقة واحدة في طهر لا جماع فيه ثم راجعها بالقول في ذلك الطهر فله ان يطلقها في ذلك الطهر في قول أبي حنيفة وزفر وقال أبو يوسف لا يطلق في ذلك الطهر للسنة وهو قول الحسن بن زياد وقول محمد مضطرب ذكره أبو جعفر الطحاوي مع قول أبي حنيفة وذكره الفقيه أبو الليث مع قول أبي يوسف ولو أبانها في طهر لم يجامعها ثم تزوجها فله أن يطلقها في ذلك الطهر بالاجماع (وجه) قول أبي يوسف ان الطهر طهر واحد والجمع بين طلاقين في طهر واحد لا يكون سنة كما قبل الرجعة ولأبي حنيفة انه لما راجعها فقد أبطل حكم الطلاق وجعل الطلاق كأنه لم يكن في حق الحكم ولأنها عادت إلى الحالة الأولى بسبب من جهته فكان له أن يطلقها أخرى كما إذا أبانها في طهر لم يجامعها فيه ثم تزوجها وعلى هذه الخلاف إذا راجعها بالقبلة أو باللمس عن شهوة أو بالنظر إلى فرجها عن شهوة وعلى هذا الخلاف إذا أمسك الرجل امرأته بشهوة فقال لها في حال الملامسة بشهوة بأن كان أخذ بيدها لشهوة أنت طالق ثلاثا للسنة وذلك في طهر لم يجامعها فيه انه يقع عليها ثلاث تطليقات على التعاقب للسنة في قول أبي حنيفة رحمه الله فتقع التطليقة الأولى ويصير مراجعا لها بالامساك عن شهوة ثم تقع الأخرى ويصير مراجعا بالامساك ثم تقع الثالثة وعند أبي يوسف لا يقع عليها للسنة الا واحدة والطلاقان الباقيان إنما يقعان في الطهرين الباقيين وهذا إذا راجعها بالقول أو بفعل المس عن شهوة فاما إذا راجعها بالجماع بان طلقها في طهر لا جماع فيه ثم جامعها حتى صار مراجعا لها ثم إذا أراد أن يطلقها في ذلك الطهر ليس له ذلك بالاجماع لان حكم الطلاق قد بطل بالمراجعة فبقي ذلك الطهر طهرا مبتدأ جامعها فيه فلا يجوز له أن يطلقها فيه هذا إذا راجعها بالجماع فلم تحمل منه فان حملت منه فله أن يطلقها أخرى في قول أبي حنيفة ومحمد وزفر وعند أبي يوسف ليس له أن يطلقها حتى يمضي شهر من التطليقة الأولى أبو يوسف يقول هذا طهر واحد فلا يجمع فيه بين طلاقين كما في المسألة الأولى وهم يقولون إن الرجعة أبطلت حكم الطلاق وألحقته بالعدم وكراهة الطلاق في الطهر الذي جامعها فيه لمكان الندم لاحتمال الحمل فإذا طلقها مع العلم بالحمل لا يندم كما لو لم يكن طلقها في هذه الطهر ولكنه جامعها فيه فحملت كأنه له أن يطلقها لما قلنا كذا هذا ولو طلق الصغيرة تطليقة ثم حاضت وطهرت قبل مضى شهر فله
(٩٠)