ثم أمر بإحضار الموكلين، فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟
فقالا له: ما نقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلما سمع ذلك العباسيون انصرفوا خاسئين [خائبين] (1).
2 - عن علي بن محمد عن جماعة من أصحابنا قالوا: سلم أبو محمد (عليه السلام) إلى نحرير وكان يضيق عليه ويؤذيه، فقالت له امرأته: اتق الله فإنك لا تدري من في منزلك؟ وذكرت له صلاحه وعبادته وقالت: إني أخاف عليك منه، فقال: والله لأرمينه بين السباع، ثم استأذن في ذلك فأذن له، فرمى به إليها فلم يشكوا في أكلها، فنظروا إلى الموضع، فوجدوه (عليه السلام) قائما يصلي وهي حوله، فأمر باخراجه إلى داره (2).
3 - روى أبو هاشم أنه ركب أبو محمد (عليه السلام) يوما إلى الصحراء فركبت معه، فبينما نسير وهو قدامي وأنا خلفه، إذ عرض لي فكر في دين كان علي قد حان أجله، فجعلت أفكر في أي وجه قضاؤه، فالتفت إلي وقال: يا أبا هاشم، الله يقضيه، ثم انحنى على قربوس سرجه فخط بسوطه خطة في الأرض فقال: انزل فخذ واكتم.
فنزلت وإذا سبيكة ذهب، قال: فوضعتها في خفي وسرنا.
فعرض لي الفكر فقلت: إن كان فيها تمام الدين وإلا فإني أرضي صاحبه بها، ويجب أن ننظر الآن في وجه نفقة الشتاء، وما نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها، فالتفت إلي ثم انحنى ثانية فخط بسوطه خطة في الأرض مثل الأولى ثم قال: انزل وخذ واكتم. قال: فنزلت فإذا بسبيكة فضة فجعلتها في الخف الآخر، وسرنا يسيرا