قوله (عليه السلام): " نأى في قربه " لأنه قدوس عن الإدراك، وسبوح عما تتصف به الممكنات.
قوله (عليه السلام): " وقرب في نأيه " لأنه قيوم الأرضين والسماوات، والماديات، والمجردات، ولا أقرب من القيوم إلى ما يقوم به.
فهو قريب من خلقه لأنه مشيئ كل شئ وقيومه، فهو أقرب إلى الشئ من نفسه، لأن شيئية الشئ وإنيته ونفسيته إنما هي بمشيته وقيوميته.
ونأى في قربه لبعده عن نيل الحس والخيال والوهم والعقل، ولقدسه عن الاتصاف بأوصاف الممكنات، وتنزهه عن مجانسة المخلوقات، فكما أن خالقيته وربوبيته وقيوميته توجب قربه، كذلك توجب بعده، فنأى في قربه، وقرب في نأيه.
قوله (عليه السلام): " وكيف الكيف فلا كيف له " فإنه سبحانه خالق الكيف والأين، والمخلوق فقير بذاته إلى خالقه، والخالق غني بذاته عن مخلوقه، فلا يمكن اتصاف الغني بالذات بالفقير بالذات.
قوله (عليه السلام): " هو الواحد الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " لما بين (عليه السلام) أنه تعالى جل عما يصفه الواصفون، وصفه بما وصف به نفسه من الأوصاف الستة، وفي جمعه أوصاف الله الكمالية في الثلاثة الإيجابية، وهي الواحد والأحد والصمد، وأوصافه الجلالية في الثلاثة السلبية، وهي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أودع جواهر من المعرفة والحكمة لأهلها، من استخراج جميع أسماء الله الحسنى منها، واستنباط ما يتعلق بالتحميد من الثلاثة الأولى، وما يتعلق بالتسبيح من الثلاثة الثانية، وبالتأمل فيما ذكره يظهر تفريعه (عليه السلام): " فجل جلاله ".
قوله (عليه السلام): " أم كيف يوصف كنه محمد "