الصوم أن ينوي صوم اليوم وفاءا لما في ذمته من التكليف، وإن لم يتذكر أن الصوم قضاء يوم من شهر رمضان مثلا أو أداء لنذر تعلق به أو غير ذلك، أو تذكر ذلك ولم يقصده في النية على الخصوص، وإذا علم أن في ذمته واجبات متعددة، أجزأه في صحة الصوم أن ينوي الاتيان بالواجب الأول منها.
[المسألة الخامسة:] إذا أراد المكلف أن يصوم صوما مندوبا مطلقا غير معين، وكان الزمان صالحا لذلك، كفاه في صحة صومه أن ينوي طبيعة الصوم المطلقة امتثالا لأمر الله (تعالى)، فإذا نوى الصوم كذلك صح منه، والمراد بكون الزمان صالحا للصوم المندوب أن لا يكون من الأيام التي منع الشارع من الصوم فيها، كيومي العيدين، وكأيام التشريق لمن كان بمنى ونحوها من الأيام التي حرم الله صومها.
وإنما يكتفي في صحة الصوم المندوب المطلق بالنية التي ذكرناها إذا لم يكن المكلف مشغول الذمة بقضاء شهر رمضان، فإذا كانت ذمته قد اشتغلت بذلك لم يصح صومه بالنية المذكورة، بل لا يصح منه صوم مطلق النافلة بتلك النية ولا بغيرها سواء كانت من المندوب المطلق أم المندوب المعين.
وقد ذكرنا في هذه المسألة من الطبعة الأولى أنه يكفي في الصحة أيضا أن يقصد الصائم موضوع أمر الله المتعلق بالصوم وفي ذلك خفاء يعسر تبينه على العامة من الناس ولأجل خفائه تركنا ذكره هنا.
[المسألة السادسة:] لا يجب على المكلف أن يتعرض في نية الصوم لقصد الوجوب في الصوم الواجب ولا لقصد الندب في الصوم المندوب، بأن ينوي في نفسه: (أصوم غدا لوجوبه، أو لندبه قربة إلى الله)، ولا يجب عليه أن يتعرض لقصد الأداء إذا أتى بالصوم في وقته المعين له ولقصد القضاء إذا أتى به بعد فوات وقته، إلا إذا توقف على ذلك تعيين الصوم الذي يأتي به، فيجب عليه قصده من أجل التعيين.
ولا يجب التعرض لسائر صفات الأمر أو المأمور به التي لا يفتقر إليها تعيين الصوم المنوي، ولا لسائر الأوصاف الأخرى، ومثال ذلك أن يأتي المكلف بصيامه الواجب عليه أو المستحب في أيام الصيف طلبا لمزيد الثواب بذلك، أو يأتي به في أوقات شريفة أو في أمكنة شريفة طلبا لزيادة التعبد فيها، فلا يلزمه قصد هذه الخصوصيات في نيته.