[المسألة 65:] يحرم على الإنسان أن يتبع هوى نفسه ورغباتها، إذا كان هواها ورغباتها مخالفة لما يريد الله، فإن الإنسان إذا ترك نفسه وما تهوى تمادت في الغي وأوصلته إلى ما لا يحمد، وجرأته على فعل المنكرات وترك الواجبات، ولذلك فيجب عليه أن يغالب هوى نفسه ورغباتها ما استطاع، وعن أحدهم (ع): (جاهد هواك كما تجاهد عدوك) وعن أمير المؤمنين (ع): (إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان:
اتباع الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة). فإذا اجتمعت العلتان في المرء، فصده الهوى عن اتباع الحق ونسي الآخرة لطول أمله، لم يؤمل فيه خير ولم يرج له صلاح، وعن أبي عبد الله (ع): (احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم، فليس شئ أعدى للرجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم).
[المسألة 66:] (رأس الحكمة مخافة الله) - كما يقول الرسول صلى الله عليه وآله في الحديث المعروف بين جميع المسلمين -، فيجب على المؤمن أن يخاف الله ربه، المطلع على أمره في سره وعلانيته خوفا شديدا يبعثه على طاعته، ويردعه عن جميع معاصيه، ويمنعه عن اتباع الشهوات التي تبعده عن مرضاته، وتوجب له استحقاق غضبه ومقته، ويجب عليه أن يرجو الله ورحمته وعفوه وإن سبقت منه المعاصي وكثرت، ففي الخبر عن أبي عبد الله (ع): (ارج الله رجاءا لا يجرئك على معصيته، وخف الله خوفا لا يؤيسك من رحمته)، وعن أبي جعفر (ع): (ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران: نور خيفة ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا، ولو وزن هذا لم يزد على هذا)، ويجب عليه أن يكون عاملا لما يخاف ولما يرجو، وقد قيل لأبي عبد الله (ع): (قوم يعملون بالمعاصي ويقولون: نرجو، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت، فقال (ع): هؤلاء قوم يترجحون في الأماني، كذبوا ليسوا براجين، من رجا شيئا طلبه، ومن خاف من شئ هرب منه) فإذا خاف العبد ربه ورجاه، وتوازن الخوف والرجاء في قلبه، وعمل لهما، - كما ذكرته الأحاديث - واستقام في عمله ولم ينحرف أنتج ذلك له نتيجة معلومة محتومة، وهي تقوى الله، فالتقوى هي حصيلة اجتماع الخوف والرجاء الشديدين المتوازنين في قلب المؤمن، والعمل الدائب لخوفه ورجائه، والحفاظ عليهما حتى تكون ملكة ثابتة في