نفسه، وقد أشارت إلى ذلك الآية الكريمة: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم).
[المسألة 67:] من متممات هذه المنزلة، ومقربات الوصول إلى هذه الغاية أن يشتد الخوف في قلب المؤمن، فيبكي خشية من الله لما اقترف من الذنوب، أو يبكي ندما على ما قابل به ربه الكريم العظيم من العصيان، أو خجلا مما تفضل عليه من النعم والأيادي، فعن الإمام أبي محمد الحسن العسكري (ع) عن آبائه (ع) عن الصادق (ع): (إن الرجل ليكون بينه وبين الجنة أكثر مما بين الثرى إلى العرش لكثرة ذنوبه، فما هو إلا أن يبكي من خشية الله (عز وجل) ندما عليها حتى يصير ما بينه وبينها أقرب من جفنه إلى مقلته).
[المسألة 68:] إذا توازن الخوف والرجاء في قلب المؤمن، وأثمر اجتماعهما له ملكة التقوى - كما ذكرنا في ما سبق -، قبل الله منه عمله، وإن كان يسيرا، كما قال سبحانه: (إنما يتقبل الله من المتقين)، وبوأه المقام الرفيع من رضاه في الدنيا والآخرة، وآتاه العزة والكرامة، كما يقول تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وعن أمير المؤمنين (ع): (لا يقل عمل مع تقوى، وكيف يقل ما يتقبل)، وعن الصادق (ع): (من أخرجه الله من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس، ومن خاف الله أخاف الله منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ) وكلما ازدادت ملكة التقوى في نفس المؤمن ثباتا ورسوخا ازداد عطاؤها وعظم نتاجها.
[المسألة 69:] يجب على العبد المكلف أن يجتنب الذنب وإن كان صغيرا فضلا عن كبائر الذنوب، ففي خبر زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع): (اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تغفر، قلت: وما المحقرات؟ قال (ع): الرجل يذنب الذنب، فيقول طوبى لي إن لم يكن لي غير ذلك) وعن الرسول صلى الله عليه وآله: (إياكم والمحقرات من الذنوب فإن لكل شئ طالبا، ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين)، وعن أمير المؤمنين (ع): (أشد الذنوب ما استهان به صاحبه).