الثاني بأن كان الثاني حاضرا في مجلس الحكم فقضى الأول فهو خارج عن محط البحث لكن يجب إنفاذه، وأما شهادة البينة على حكمه فمقبولة يجب الانفاذ على حاكم آخر، وكذا لو علم حكم الحاكم بالتواتر أو قرائن قطعية أو إقرار المتخاصمين.
مسألة 3 - الظاهر أن إنفاذ حكم الحاكم أجنبي عن حكم الحاكم الثاني في الواقعة، لأن قطع الخصومة حصل بحكم الأول وإنما أنفذه وأمضاه الحاكم الآخر ليجريه الولاة والأمراء، ولا أثر له بحسب الواقعة، فإن إنفاذه وعدم إنفاذه بعد تمامية موازين القضاء في الأول سواء، وليس له الحكم في الواقعة لعدم علمه وعدم تحقق موازين القضاء عنده.
مسألة 4 - لا فرق فيما ذكرناه بين حقوق الله تعالى وحقوق الناس إلا في الثبوت بالبينة، فإن الانفاذ بها فيها محل إشكال والأشبه عدمه.
مسألة 5 - لا يعتبر في جواز شهادة البينة ولا في قبولها هنا غير ما يعتبر فيهما في سائر المقامات، فلا يعتبر إشهادهما على حكمه وقضائه في التحمل، وكذا لا يعتبر في قبول شهادتهما إشهادهما على الحكم ولا حضورهما في مجلس الخصومة وسماعهما شهادة الشهود، بل المعتبر شهودهما أن الحاكم حكم بذلك، بل يكفي علمهما بذلك.
مسألة 6 - قيل إن لم يحضر الشاهدان الخصومة فحكى الحاكم لهما الواقعة وصورة الحكم وسمى المتحاكمين بأسمائهما وآبائهما وصفاتهما وأشهدهما على الحكم فالأولى القبول، لأن إخباره كحكمه ماض، والأشبه عدم القبول إلا بضم عادل آخر، بل لو أنشأ الحكم بعد الانشاء في مجلس الخصومة فجواز الشهادة بالحكم بنحو الاطلاق مشكل بل ممنوع، والشهادة بنحو التقييد بأنه لم يكن إنشاء مجلس الخصومة ولا إنشاء الرافع لها جائزة، لكن إنفاذه للحاكم الآخر مشكل بل ممنوع.