قال: لأنه يسقط المقصود من الربح لأن فلانا قد يغيب أو يموت، فلا يقدر على الشراء ولا البيع، أو ربما لا يختار أن يبيعه أو يشتري منه، وهكذا الحكم فيه لو قال: على أن لا يشتري إلا العقار الفلاني أو الثوب الفلاني، كان فاسدا لما مضى، وعندي أنه يجوز.
وكذلك إذا قال: لا تشتر إلا جنسا لا يعم وجوده في أيدي الناس، لكن يوجد ولا يوجد، مثل أن يقول: لا تتجر إلا في لحوم الصيد، فإن هذا قد يوجد وقد لا يوجد فلا يجوز، وإنما يصح القراض فيما يتمكن من طلب المقصود به، مثل أن يقول: اتجر فيما شئت، وعامل من شئت كيف شئت، فيكون جائزا، وهكذا لو عين جنسا لا ينقطع عن أيدي الناس كقوله: اتجر في الطعام وحده أو في التمر وحده أو في الثياب القطن، فكل هذا يوجد غالبا ولا ينقطع، فالقراض صحيح لا يتعذر المقصود منه.
وهكذا لو شرط ألا يتجر إلا فيما يعم وجوده في بعض السنة كالرطب والعنب والفواكه الرطبة فإنه جائز لأنه لا يعدم في وقته غالبا، وفي الناس من قال: لا يتجر إلا فيه، وقد قلنا: إن جميع ذلك يقوي في النفس أنه جائز وكل ما ذكروه قياس، وقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم، يقوي ما قلناه.
إذا قارضه على أن يشتري أصلا له فائدة يستبقي الأصل ويطلب فائدته كالشجر يسقيها ليكون ثمارها بينهما أو عقارا يستغله أو غنما يرجو نسلها ودرها أو عبيدا يأخذ كسبها فالكل قراض فاسد، لأن موضوع القراض على أن يتصرف العامل في رقبة المال وهذا خروج عن بابه.
الكلام في القراض الفاسد في ثلاثة فصول: في التصرف والربح والأجرة:
أما التصرف فإنه جائز صحيح، لأن القراض الفاسد يشتمل على الإذن بالتصرف وعلى شرط فاسد، فإذا فسد الشرط كان الإذن بالتصرف قائما فهو كالوكالة الفاسدة تصرف الوكيل صحيح لحصول الإذن فيه.
وأما الربح فكله لرب المال لا حق للعامل فيه، لأن العامل اشترى لرب