والمضارب " بكسر الراء " العامل لأنه هو الذي يضرب فيه ويقلبه، وليس لرب المال اشتقاق منه.
يدل على ذلك ما رواه الحسن عن علي عليه السلام أنه قال: إذا خالف المضارب فلا ضمان هنا على ما شرطاه، والظاهر أنه أراد العامل لأن الخلاف منه، والضمان بالتعدي عليه.
وعلى جوازه دليل الكتاب وإجماع الأمة، فالكتاب قوله تعالى: " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله "، وقال تعالى:
" وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله "، ولم يفصل، وأما الإجماع فإنه لا خلاف فيه، وأيضا فإن الصحابة كانت تستعمله، روي ذلك عن علي عليه السلام وعمرو ابن مسعود وحكيم بن حزام وابن عمر وأبي موسى الأشعري، ولا مخالف لهم.
فإذا ثبت جواز القراض، فالكلام في ما يجوز أن يكون رأس مال في القراض وما لا يجوز، وجملته أن القراض لا يجوز إلا بالأثمان من الدراهم و الدنانير، وأما غيرهما فلا يجوز وفيه خلاف، وأما القراض بالنقرة فلا يصح لأنها معتبرة فيما له قيمة، فهي كالثياب والحيوان، والقراض بالفلوس لا يجوز، والقراض بالورق المغشوش لا يجوز، سواء كان الغش أقل أو أكثر أو سواء، وفيه خلاف.
فإن دفع إلى حائك غزلا وقال: انسجه ثوبا على أن يكون الفضل بيننا، فهو قراض فاسد، لأن موضوع القراض على أن يتصرف العامل في رقبة المال ويقلبها ويتجر فيها، فإذا كان غزلا فهو نفس المال وعينه، فهو كالطعام إذا أعطاه ليطحنه ويكون الفضل بينهما، فيكون الكل لرب المال، وللعامل أجرة مثله.
وإن أعطاه شبكة وقال: تصطاد بها فما رزق الله من صيد كان بيننا، كان قراضا فاسدا لما مضى، فإذا اصطاد شيئا كان له دون صاحب الشبكة لأنه صيده، ويكون لصاحب الشبكة أجرة مثله، كما أنه لو غصب شبكة فصاد بها كان الصيد