الحال.
إذا ثبت أن الخيار يثبت له، فإنه ينظر: فإن فسخ العقد سقطت الإجارة، وثبت له ما أعطاه في ذمته، فإن كان له مال بيع عليه وقضي منه حقه، وإن لم يكن له مال بقي ذلك في ذمته، ولا يستقرض عليه، لأن الدين لا يقضى بالدين.
وإن لم يفسخ وبقى على العقد نظرت: فإن كان العمل مجهولا في نفسه ووقعت الإجارة لمدة مقدرة، فإن المعقود عليه يتلف على حسب ما مضى من الزمان، فإن رجع قبل مضي المدة فقد انفسخ العقد فيما فات، ولا ينفسخ فيما لم يفت، فإن رجع بعد مضي المدة انفسخ العقد فيما فات، وما كان قد استوفاه قبل الهرب لا ينفسخ، وإن كان العمل في نفسه معلوما غير مقدر بالزمان، فإذا رجع الجمال طولب بإيفاء ذلك، سواء كان ذلك بعد مضي مدة كانت المنفعة المستأجرة يستوفى في مثلها أو قبل مضيها، لأن المعقود عليه لا يتلف بمضي الزمان، فعلى هذا متى ما بقي الثمن طولب بإيفاء الحق لأنه بحاله لم ينقص منه شئ، هذا إذا هرب بجماله.
فأما إذا هرب وترك الجمال، فإن النفقة على الجمال تجب على الجمال في ماله لأنه مالكها ونفقة المملوك على المالك، فإذا ثبت هذا فإنه يرفع خبره إلى الحاكم ويثبت ذلك عنده.
فإذا ثبت طلبه الحاكم فإن لم يجده ووجد له مالا أنفق عليها من ماله، فإن لم يجده وكان في الجمال فضل لا يستحقه المكتري بعقد الإجارة باعه، وأنفق على الباقي، وإن لم يجد استقرض عليه شئ من بعض المسلمين، أو من بيت المال، أو من المكتري إن لم يجد من يقرض، فإذا حصل أنفقه الحاكم عليها في علفها وما يحتاج إليه أو أمينه، وهل يجوز أن يعطيه للمكتري لينفق عليها أو لا؟
قيل فيه قولان: أحدهما ليس له ذلك لأنه لا يجوز أن يكون أمينا في حق نفسه، والثاني يجوز لأن ذلك سواء في أن يعطيه أمينه أو يجعله أمينا في ذلك، وهو الأقوى.